نرمين الحوطي: خصخصة التعليم

من هنا تبدأ كلماتنا ومن دستورنا نفتح ملف قضيتنا، بالأمس القريب توقفت عند خبر لأحد مسؤولي التربية والتعليم يكشف عن نواياهم بـ «تخصيص بعض المدارس الحكومية وإسنادها إلى القطاع الخاص «وهنا تذكرت كلمات الدستور التي ترسخ أهمية التعليم وتحث على مجانيته، ولكن ما نقرأه اليوم هو أمر يخالف ما أتى به الدستور، فبالأمس كنا نعلم أن المدارس الخاصة هي مشاريع فردية خاصة تقوم تحت إشراف التعليم العام، ولكن اليوم أصبحت الآية بالعكس وأصبحت المدارس الحكومية تخصص للقطاع الخاص للنهوض بالتعليم والتربية في الكويت، بقراءتي ذلك التصريح لم أجد بين كلماته إلا دموعا لرجال يذكرهم التاريخ التعليمي والتربوي في الكويت دأبوا على تأسيس التعليم والتربية في الكويت بل قاموا بالتطوير دون الخصخصة ونهضوا بالثقافة التعليمية في مجتمعنا.

بالأمس القريب كنا نحتفل بمرور مائة عام على التعليم في الكويت واليوم يأتي من يمتلك القرار ليخصخص التعليم والتربية في مجتمعنا مع العلم بأن من قاموا بتأسيس النهضة التربوية والتقدم التعليمي في الكويت كانت رسالتهم النهوض بالمجتمع والفرد الكويتي وكانت رسالتهم التعليمية تقوم على إلزام الفرد بالعلم والتعليم والعمل على محو الأمية في مجتمعنا، تلك كانت رسالة أجدادنا متوجة بقوانين دستورنا وهذا ما نصت عليه المادة (40): «التعليم حق للكويتيين، تكفله الدولة وفقا للقانون وفي حدود النظام العام والآداب، والتعليم إلزامي مجاني في مراحله الأولى وفقا للقانون. ويضع القانون الخطة اللازمة للقضاء على الأمية، وتهتم الدولة خاصة بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي»، واليوم تأتي آياد خفية تمزق رسالتنا التعليمية من أجل ماذا؟

مع بداية التطوير والتغيير ومطلع الألفية الثانية ونحن نلاحظ أنه يوجد مخطط لا نعلم من يديره في التعليم والتربية، فتارة تجلب تجارب أجنبية لتطبيقها في مراحل تعليمنا وبعد التوقيع والتطبيق تأتى التجربة بالفشل الذريع، وتارة أخرى يأتي من يجمع كل مناهجنا في «فلاش» والسبب التقدم التكنولوجي وتطور التعليم وأين أصبحنا بعد الفلاشات؟ فشل التجربة والنتيجة أموال تدفع دون حسيب ولا رقيب، كل من ينادي باسم التجارب والتقدم والتطور التعليمي إلى أن أتى بنا اليوم لنسمع عن خصخصة التعليم من منطلق التطوير والارتقاء بالطالب وتطوير سبل المنهجية التعليمية، وما حصيلة التعليم سوى ضرب السنوات التعليمية وتجميع وطرح المعلومات التعليمية للطالب إلى أن أصبح التعليم في احتضار وأصبح الطالب في حالة تشويش ذهني والحل هو فتح المزاد لبيع جثمان التعليم للقطاع الخاص تحت مسمى الارتقاء والنهوض بالتعليم في الكويت، والسؤال هنا: من أجل ماذا؟

كلمة وما تنرد: «إنني أدعوكم من خلال هذا المؤتمر الهام الى مراجعة مسيرة الكويت التعليمية، وتجنب سلبياتها لبناء استراتيجية تعليمية واضحة، ذات برامج تنفيذية محددة، مستفيدة من تجارب العالم المتقدم، وخبراته ومتوافقة مع احتياجاتنا الوطنية، لإعداد جيل محب لوطنه، مؤمن بعمله، متمسك بثوابت وقيم دينه الاسلامي الحنيف، الداعية إلى نشر روح المحبة، والتآلف، وقبول الآراء، ونبذ التعصب، وتعظيم العلم بشتى صوره، واعتباره أداة لتقدم الأمم والشعوب، والحضارة الانسانية».

من كلمة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح ـ حفظه الله ورعاه ـ في افتتاح المؤتمر الوطني للتعليم 2008.

atach_hoti@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.