عبداللطيف الدعيج: محافظون أم معارضون

كثير من الأخطاء الإملائية تحدث بسبب زحمة العمل، وقليلا ما تُحدث هذه الأخطاء فارقاً في المعنى. أمس تم استبدال كلمة لأ.. أي حرف النفي بكلمة لأن.. لهذا رغم أن القراء سيلتقطون المعنى الأصلي، إلا أن طبيعة وأهمية حرف النفي في الجملة تحتم تصحيح الخطأ.. لذا فالجملة أو الفقرة الأصلية هي: «طبعا الذين يتهربون من الحقيقة، ويلوون أو يلونون الوقائع، سيشيرون هنا إلى السلطة باعتبارها «صاحب البيت». لأ.. صاحب البيت هنا في الكويت، هو المواطن، صاحب السيادة والسلطة العليا في البلد..».

في المجتمعات الناضجة سياسيا، التي لديها قيادات سياسية كفؤة وناخبون أكثر كفاءة. تنعدم أثناء المعارك الانتخابية، أو حتى في أي من حالات الصراع السياسي، تنعدم الاتهامات أو الإشاعات. نادرا ما يُكذِّب أحد أحدا، أو يتهم طرف طرفا آخر. الكل مشغول بـ«طرح» ما عنده، والترويج لوجهة نظره ورؤاه الخاصة لمستقبل الأيام.

عندنا.. الجماعة كلهم وليس أغلبهم، حكومة ومن معها، مع من عليها أيضا، الجميع «فاضي»، ولا يملك أي منهم رؤية حقيقية لبناء مستقبل البلد، ولا حلا عمليا مدروسا لمشاكله وأزماته. لهذا يلجأ مرشحو الانتخابات الى توزيع الاتهامات وإلى التذمر وإلى الكذب الصريح لتغليف عجزهم ومداراة قصورهم السياسي، بينما تبقى الحكومة صامتة تتظاهر بالتعالي والحكمة، مع أنها تفتقد -حالها حال معارضيها- كل شيء.

المعارضون، سواء كانوا معارضتنا التقليدية أو المعارضة الجديدة، ليس لديهم ما يقدمونه او يقترحونه من حلول او بدائل. لذا يكتفون بالانتقاد وإثارة السلبيات والإشارة الى الأخطاء ذاتها. بينما يكتفون عند التحدي الحقيقي بطرح شعارات وهمية غير واضحة وغير مدروسة، مثل: «تنويع مصادر الدخل الوطني» أو «إيجاد بدائل للدخل النفطي»، في حين أنهم عاجزون عن أن يوضحوا كيف يكون التنويع أو أين هي البدائل غير النفطية التي يروّجون لها. أكثر من هذا.. حتى عندما نجحت الحكومة في تلمس البدايات الحقيقية لخلق مداخيل رديفة للنفط، وقررت الاستثمار بشكل أساسي في الصناعة البترولية الكيماوية عبر مشروع «الداو كيميكال» فإن المعارضين والمحافظين على الأوضاع المتردية أفشلوا المشروع.

لقد خطت الحكومة في ذلك الوقت خطوة جبارة وشجاعة نحو تنويع الدخل ونحو تغيير الطبيعة «الريعية» للمجتمع. مجاميع الفساد الحقيقي وليس المختلق، والمستفيدون من الإنفاق الريعي الذي يتناسب وذهنيتهم وتقاليدهم هم من تصدى للمبادرة الحكومية، وهم حفاظا على الأوضاع الريعية الحالية من أفشل مشروع «الداو».

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.