صلاح الفضلي: تبون الحكم؟!

أعتقد أن السؤال الذي وجهه مرزوق الغانم في التجمع الذي عقد في ديوان محمد الصقر يوم الثلاثاء الماضي والذي توجه فيه إلى أبناء الأسرة الحاكمة قائلاً: تبون الحكم؟ أعتقد أن هذا السؤال سؤال مستحق، بل هو سؤال مُلح وفي رسم الإجابة أكثر من أي وقت مضى. لا يمكن لمواطن حريص على وطنه أن يرى الصراعات تستشري بين أبناء الأسرة الحاكمة للوصول إلى مراتب عليا في السلطة إلا ويستشعر الخطر، ويضع يده على قلبه ويبادر إلى طرح السؤال نفسه على أبناء الأسرة: هل بالفعل أنتم بتصرفاتكم هذه حريصون على استمرار حكمكم أم لكم رأي آخر؟!
التاريخ مليء بقصص وشواهد بأن زوال ملك الأسر الحاكمة يأتي في الغالب من خلافات أفرادها وتصارعهم على السلطة، وعلى أبناء السلطة أن يعوا هذه الحقيقة التاريخية جيداً ويعتبروا منها. ما يزيد من مأزق الأسرة الحاكمة أن الصراع الداخلي ترافق مع موجة ثورات عربية تطالب بمزيد من الديمقراطية وبإعطاء الشعب دورا أكبر في الحكم، وهذا الأمر شكل مزاجا عاما في المجتمعات العربية ككل، ونحن في الكويت تأثرنا بهذا المزاج، وهذا الأمر يشكل تحدياً جدياً لأسرة الحكم في إثبات أنها أهل لإدارة شؤون البلد، فالناس تريد من أسرة الحكم أن تحكم وتسير أمور البلاد والعباد، لا أن تنشغل بخلافاتها الداخلية.
أعتقد أن جزءا كبيرا من المطالبة برئيس وزراء شعبي يأتي من إحباط الكثير من الناس من الطريقة التي تدير بها الحكومة برئاسة أحد أبناء الأسرة أمور البلد، وما لم يحل أبناء الأسرة خلافاتهم سريعاً ويلتفتوا إلى إدارة البلد فإن هذه المطالبات سوف تزداد وتجعل لها ما يبررها. الناس تتطلع لأسرة الحكم أن تحل مشاكل البلد، ولكنها عندما تشاهد المشاكل الداخلية لأبناء الأسرة فيما بينهم فإنها تتمثل القول الشعبي: «جيتك يا عبدالمعين تعين، لقيتك يا عبدالمعين تنعان».
يبقى أن هناك نقطة في غاية الأهمية وهي أننا عندما نقول إن على أسرة الحكم أن تحافظ على حكمها فإن ذلك لا يكون بالعقلية العربية التقليدية المبنية على البطش والقمع، وإنما عليها في سبيل ذلك أن تتمسك بالدستور الذي هو أكبر ضمانة لبقاء شرعيتها وحصانة لاستمرار وجودها، وعلى الأسرة أن تشكر الله على نعمة وجود إجماع شعبي على بقائها، وهو أمر غير موجود في بقية الدول الوراثية، ولكن عليها في الوقت ذاته ألا تكفر بهذه النعمة ولا تفرط بهذا الرصيد الضخم بتخبطها وسوء تقديرها، فالمُلك إذا ذهب لا يعود.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.