عواطف العلوي: يبنبعون.. أي يمأمئون!

اكتظ الديوان الفخم بالمدعوين، وعبقت الأجواء بالعطور الفرنسية الفاخرة، وتبادلت العيون نظرات وابتسامات مخملية تتماشى مع بريستيج أصحاب الدماء الزرقاء، فهذا ديوان التاجر (ولد بطنها) النائب السابق محمد الصقر، وليست ساحة الإرادة التي استهلكها «الغوغائيون» وقاطنو المناطق ما بعد الدائري السادس! والأطروحات المنتظرة في الندوة المعقودة بعنوان «الكويت.. إلى أين؟» ستكون بنبرة متجانسة مع «ذرابة» الأرستقراطيين الحاضرين، متناغمة مع عقلانية وفكر تيار المثقفين، غنية بالحلول الموضوعية والرؤى الإصلاحية التي يتطلع إليها البلد، والتي عجز نواب ساحة الإرادة عن الإتيان بها! وسيعطون الشعب دروسا في فن الخطاب السياسي الوطني الهادف، والطرح الراقي البعيد عن الشتم والشخصانية!
ولا أخفيكم سرا، أنني كنت ممن علقوا آمالا على تلك الندوة، وتمنيت بصدق أن يُطرح فيها مشروع سياسي متكامل مقنَّن ينتشل البلد من حالة التخبط واللاهوية التي يعيشها، ويرسم خريطة طريق تأخذ بأيدينا إلى بر الأمان والاستقرار، بعد إحباط نال الكثيرين عقب التجمع الأخير في ساحة الإرادة تحت عنوان «لن نخضع»، والذي لم يقدم شيئا يُذكر لحل الأزمة الراهنة!
ولكن للأسف، موعود بالإحباط موعود يا بلدي! فبعد أن تابعت مع الجميع ما طُرح خلال الندوة، وأدلى كلٌّ بدلوه، ترسخت قناعتي السابقة بأننا لا نعرف غير لغة واحدة، في ساحة الإرادة أو في دواوين الشامية، الفارق فقط هو نبرة الصوت العالية هناك والمنخفضة هنا! ما عدا ذلك ينطبق عليه المثل الشعبي المصري «جابوا الجردل وقلبوه طلع السيد لابوه»! فالحاضرون ظلوا تباعا يجترون خطابات متواضعة لا تتناسب والظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، لا حلول، لا رؤى، لا مشاريع، كل ما هنالك تهديد ووعيد وتُهَم ولمز وغمز، تصفية حسابات شخصية، تذمر و«تحلطم» على أبناء الأسرة الحاكمة (الأشرار) الذين هم السبب في تردي الأحوال وضياع الأموال، ويبدو أن الخطاب السياسي بات ماسخا من دون التطاول عليهم!
باختصار، كانت الندوة تدشينا لموسم الانتخابات باكرا، وأيضا تهيئة للطريق إلى الانتخابات القادمة لشخصيات لم تشارك من قبل بالحراك السياسي.. فقط لا غير!
أما سقطة الندوة، فكانت كلمة أمين عام التحالف الوطني عن نواب الأغلبية، حين قال إنهم «يبنبعون في الشارع»! الله يا كبرها يا أنور جمعة! ثم تتباكون وأنتم تنتقدون تدني مستوى طرح المعارضة واستخدامهم ألفاظا مثل «الخبل، الكلاب من أبناء الكويت.. وغيرها»! يا عمي طلعتوا بالهوا سوا، لكنهم أصل وفعل،
وأنتم تقليد ورد فعل!
وانتهت الندوة، ولم نسمع الإجابة عن السؤال الذي هو عنوان الندوة (الكويت إلى أين؟)، بل انبثق سؤال أهم أزاح سابقَه: «أين هي الكويت؟».

mundahisha@gmail.com
@mundahisha
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.