هاجم رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور المصري والمرشح الرئاسي السابق عمرو موسى السياسة الأميركية تجاه بلاده، معتبرا ذلك جزءا من الدعم الأميركي لـ «الإخوان»، بعد فشل مخطط «الشرق الأوسط الجديد». وأشاد في مقابلة مع «الراي» بموقف الدول العربية الداعمة لمصر وخصوصا الكويت والسعودية والإمارات، مشيرا الى ان موقف هذه الدول أثر بالطبع على الموقف الغربي والأميركي تجاه الثورة المصرية.
واستبعد موسى نجاح «المصالحة» مع «الإخوان» قائلا ان «الجماعة تقصي نفسها بنفسها ولا دور للدولة في ذلك». ولفت إلى السعي لإنجاز الدستور من خلال التوافق حول مواده الخلافية.
وفي الاتي نص الحوار:
• كيف تقيم العلاقة بين مصر والدول العربية وخصوصا الكويت والسعودية والإمارات التي قدمت مساعدات كبيرة في الفترة الاخيرة؟
– هذه الدول عادت إلى مصر مجددا، وهذا هو المسار السليم بعد أن انهارت هذه العلاقات خلال السنة الماضية مع الإمارات وغيرها ولم يكن لنا وقتها سياسة خارجية مصرية بل سياسة خارجية إخوانية.
• ما تأثير موقف الدول العربية المساند لمصر على الموقف الاميركي والاوروبي؟
– كان مؤثرا بالفعل، ونذكر مبادرة المملكة العربية والموقف الكويتي والإماراتي الداعم للتوجه المصري، وهذه تحركات أحدثت ارتياحا واضحا لدى الشعب المصري وقيادته، خصوصا أن هناك ثقة واسعة في هذه القيادات العربية.
• متى تنتهي لجنة صياغة الدستور من الصياغة المبدئية للدستور؟
– بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى، لكنها لن تعرض على وسائل الإعلام بل أعضاء لجنة الخمسين لتعديل الدستور فقط.
• كيف سيتم عرض المسودة في ظل استمرار الجدل حول المواد الخلافية؟
– هناك تقدم واضح في المناقشات. وهذه ليست مواد خلافية بل مواد جدلية وستعالج بالتشاور مع الأطراف المعنية، وهناك اجتهادات مختلفة حول عدد من القضايا.
• هل حددتم موعدا للاجتماع مع وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي للتشاور حول مواد القوات المسلحة؟
– لم نحدد الموعد ولا أستبعد حدوث هذا اللقاء الذي يشبه اللقاءات التي عقدتها مع رئيس الجمهورية المستشار عدلي منصور وكذلك رئيس مجلس الدولة وغيره من الجهات و المؤسسات.
• هناك اقتراح بصياغة مادة دستورية لاختيار وزير الدفاع من خلال المجلس الأعلى للقوات المسلحة وليس رئيس الجمهورية. فما الفلسفة من إضافة مثل هذا النص المستحدث؟
– لا يوجد في الدستور أي مواد لحماية شخص بعينه في أي من مؤسسات الدولة لأننا نحدد الوضع المستقبلي لمؤسسات وليس أفرادا، الأمر الذي يعني أننا نخطط لسنوات طويلة، ونسعى لصياغة دستور رصين بعيدا عن الركاكة والاضطراب والنصوص الغامضة، ونريد نصوصا واضحة في كل المجالات التي يتعرض لها الدستور.
• البعض يقول إن هذه الخطوة ستخلق سلطة برأسين، الأولى للرئيس المنتخب والثانية للمجلس العسكري أو وزير الدفاع.. فما تعليقك؟
– الدولة لها رأس واحد وهو رئيس الدولة، والرئيس هو الشخصية الأولى في الدولة وليس الوحيدة، ونتفهم جيدا أننا نضع دستورا للدولة ومؤسساتها وليس لحساب أحد، وهناك لغط حول هذا الأمر بسبب نشر بعض المعلومات غير الدقيقة، ولا يمكن لأي دستور محترم إلا أن يؤدي إلى نظام مؤسسي محترم.
• إذن كيف سيتحقق التوازن بين السلطات؟
– كما ستقرأين.
• ولكن ما حدث في عهد الرئيس السابق محمد مرسي كشف عن تغول ضد السلطة القضائية.. فكيف نواجه ذلك؟
– ما حدث في العام إياه ده لا يمكن أن يتكرر مجددا، خصوصا في ما يتعلق بضمان استقلالية القضاء.
• ماذا فعلتم في مسألة تقليص اختصاصات مجلس الدولة؟
– طلبت من الرئيس أن يتدخل في هذه الأزمة، ولن نسحب أي اختصاص من مجلس الدولة.
• ما دمنا نتحدث عن المواد الخلافية في الدستور.. اقترح شباب التيار الليبرالي حذف كلمة «الشريعة الإسلامية» من الدستور؟
– هذا كلام فارغ… لم يتقدم لنا أحد بمثل هذا الاقتراح، ومن يردد ذلك يستهدف إثارة اللغط.
• هناك مطالبات تقدم بها البعض لتعديل خارطة المرحلة الانتقالية بإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، فهل تؤيد هذا التوجه؟
– ليس من شأن الدستور تعديل خارطة الطريق، وهذا الأمر ليس مطروحا علينا من الأساس، وما الضرر من الالتزام بالخارطة الحالية.
• هل ستضعون نصا انتقاليا في هذا السياق وجبهة الإنقاذ عرضت ذلك؟
– هذا رأي الجبهة ولا أؤيد ذلك ويجب ألا نشغل أنفسنا بهذا الأمر.
• ماذا بالنسبة للنظام الانتخابي الأمثل؟
– هناك جدل حول نظامين هما القائمة والفردي، وهناك تأييد كبير للفردي، والأحزاب تطالب بالقائمة، وعلى كل الأحوال النظام الذي سيتم وضعه ضمن المواد الانتقالية مؤقت ومن حق البرلمان القادم أن يعدله.
• ماذا عن نظام الحكم الذي استقرت عليه التعديلات الدستورية؟
– أتوقع الاتجاه إلى النظام المختلط، والأمر مازال محل مناقشة، وهو الأقرب للنظام الفرنسي، حيث تقسم الصلاحيات بين الرئيس ورئيس الحكومة.
• هل تقدمت جماعة الإخوان بأي مقترحات للتعديل الدستوري؟
– لم يتقدموا بأي تعديلات.
• التقيت الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، فهل قدم لك أي مقترحات للجماعة أو معلومات حول مبادرته للمصالحة الوطنية؟
– أبوالمجد طرح عليَّ ما حدث وقال إنه ينتظر رد الإخوان هذا الأسبوع.
• هل تتوقع نجاح أي محاولات للمصالحة؟
– سبق أن طالبنا بإنهاء الأزمة قبل أن تتصاعد، وتحدثت باسم جبهة الإنقاذ وقامت الدول الأوروبية بوساطة، وأذكر أن آخر لقاء كان بيني وبين خيرت الشاطر لكنهم لم يروا وقتها الخطر الحقيقي وتصوروا أن المعارضة مجرد مجموعة أشخاص حد بيحركها. ولو كانوا شافوا حالة الغضب العارمة ما كان حدث ما حدث.
• ماذا عن المخرج، هل هو حل أمني أم سياسي بالتوازي مع تطبيق العدالة الانتقالية؟
– يجب إدراك أن الدولة هي الدولة ولا بد من حمايتها وأي شيء يتناقض مع ذلك مرفوض، وإذا كان المنطق المتبع هو طز في مصر فسنواجه ونصمد ضده بكل قوة وعنف.
• الدستور ألغى إنشاء أحزاب على أساس ديني، فهل يعني ذلك الإطاحة بعدد من الأحزاب القائمة؟
– هو فيه شك أن «الحرية والعدالة» ذراع سياسية لجماعة الإخوان. لا بد أن تكون الأحزاب مفتوحة للكل وقائمة على أساس سياسي.
• ألا ترون أن ذلك يشجع على العمل السري؟
– الإقصاء إجراء سلبي مرفوض ولكنه لا يتم بواسطة الدولة، وهناك فصيل يحاول أن ينأى بنفسه عن الحركة الوطنية بل يقصي نفسه.
• هل تصيغون نصوصا دستورية تتضمن فكرة العزل السياسي لعناصر الحزب الوطني وجماعة الإخوان؟
– لا نصيغ مواد بهذا المعنى.
• التلويح بقطع المعونة الأميركية بعد الحديث عن تعليقها هل يستهدف تغذية العنف في الشارع المصري؟
– الموقف الأميركي قام على افتراضات ومنطلقات سياسية خاطئة ومرفوضة مع العلم أن الإدارات الأميركية المختلفة تعودت على ذلك، وهنا نقول لا بد من إعادة تقييم العلاقات الاقتصادية المصرية – الأميركية.
ومن غير المقبول استخدام منطق التهديد بقطع المعونات لأنها تحقق فائدة الطرفين وسيعود ضررها على الطرفين.
• ولكن هذه الخطوة لها بُعد سياسي مفاده أن الولايات المتحدة تدعم فصيلا سياسيا بعينه وتقطع المعونة بسبب تركه السلطة؟
– هذا يُعد خطأ أصيلا في السياسة الخارجية الأميركية. توجه معونات لدعم قوى سياسية بعينها دون غيرها أو على حساب أخرى وفيه تفسيرات أميركية بتقول هذا الكلام – وأقول هذا فشل كبير وسيكون له ردود فعل سلبية على مستوى مصر والعالم كله.
• ما سر الرهان الأميركي على جماعة «الإخوان» من وجهة نظرك؟
– السياسة الأميركية كانت تركز في بدايات القرن على ما يسمى الشرق الأوسط الجديد وجزء من تعريف هذا المصطلح الإسلام السياسي، ولكن افتراضه انهار في ظرف شهور ولم يكن هذا متوقعا من جانب الولايات المتحدة، ونقول أميركا تشبه الفيل الضخم الذي إذا تحرك حركة دائرية سيحتاج وقتا طويلا لكي يعدل اتجاهه وموقفه، وهناك إرهاصات تقول إن الولايات المتحدة ستغير موقفها.
• ماذا عن موقف الاتحاد الأوروبي هل يقترب من الأميركي؟
– ليس بالضبط، فنجد الاتجاه يتطور من وقت لآخر، أميركا تتحدث عن فصيل والاتحاد يتحدث عن دولة ونقول إن مصر فوق الجميع.
• ماذا عن المطالبات بتعليق كامب ديفيد بعد الترحيب بوقف المعونة الأميركية؟
– مصر في موقف صعب لكنها لا تقفز إلى المجهول، والحديث عن ذلك هو كلام ساسة لهم الحق في أن يقولوا بلاها المعونة، ولكن أرى أن الوضع الاقتصادي يتطلب التجاوب مع أي فرصة أو علاقة اقتصادية، ولكن في الوقت نفسه نقول إن المعونة تستخدم سياسيا، وهنا يأتي موضوع الكرامة المصرية، فيجب ألا نخضع لهذا الكلام رغم أننا في حاجة إلى كل مليم.
• ما البدائل المتاحة؟
– أن نواجه ذلك بخطة اقتصادية ولا قيمة 200 مليون دولار في السوق الحالية.
• إذن تقول بشكل مباشر إن الولايات المتحدة كشفت عن وجهها الحقيقي؟
– نعلم وجهها الحقيقي. لكن هذه الدولة العظمى الأولى المتحكمة في العالم والتي لا يمكن أن نتجاهلها ولابد أن نضع سياسة حكيمة في التعامل معها، ولا يجب أن ندير ظهرنا لها.
• دوامة العنف في سيناء ألا تحتاج إلى حل سياسي؟
– لابد أن تواجه الدولة الأنفاق غير المشروعة حتى تسيطر على الحدود التي تهرب منها وإليها بعض السلع والأسلحة وأفراد يهددون أمن الدولة، ولابد من تكريس مبدأ السيادة المصرية والأمن المصري.
• نواجه أزمة أخرى تتعلق باستهداف الشرطة وجنود القوات المسلحة، بالإضافة إلى محاولة تشويه صورة المؤسسة العسكرية. فما تعليقك على هذا المشهد؟
– هذا المشهد مرفوض، ويحزننا أن نفقد أرواحا كل يوم، ولابد من مواجهة ذلك بتكريس الأمن وتفعيل القانون.
• هل تفكر في الترشح مجددا لمنصب رئيس الجمهورية؟
– لا حديث عن الانتخابات الرئاسية الآن.
• نعود مجددا للدستور. هل حسمتم الموقف من إنشاء مجلس الشيوخ؟
– لم نحسم الموقف من نظام الغرفتين أو الغرفة الواحدة، ونقول إن الشورى لم يقم بدور تشريعي، وكان يمكن الاستغناء عنه وندرس الآن إنشاء مجلس للشيوخ ونبحث معايير اختياره من حيث السن وشروط الترشح المتعلقة بالمؤهل التعليمي وغيره وستكون مهمته تجويد عملية التشريع فلا يستجوب الحكومة ولا يسقطها ولا يقر ميزانية وهو الدور الذي يقوم به مجلس النواب، وتجويد التشريعات أمر ضروري لأننا رأينا تشريعات تعاني من الركاكة والضعف.
• هل قررتم إلغاء نسبة الفلاحين والعمال؟
– هذا مطروح للحوار، ونقول إنهم لم يحصلوا على هذه النسبة طوال العهود السابقة، والبعض يقترح وضع نصوص انتقالية لمدة زمنية محددة.
• كيف ترى ما ذهبت إليه الأوضاع في الدول العربية بعد «ثورات الربيع العربي»؟
– « الربيع العربي تعبير أوروبي، وما حدث حركة تغيير مضطربة تتجه إلى اتجاه واحد فلا يمكن العودة إلى الوراء ولا إلى الماضي الديكتاتوري ولا عدم احترام حقوق الإنسان، ولا يمكن احتمال منطق غياب العدالة الاجتماعية أيضا لأننا عانينا من عدالة عرجاء.
• البعض يراهن أن تتحول هذه الثورات إلى فوضى وإسقاط مؤسسات أمنية وعسكرية.. فكيف نواجه ذلك؟
– لا يمكن أن نقبل بهدم مؤسسة لا نستطيع بناءها من جديد. وهذا فكر إخواني. ونريد وزارة الداخلية التي بدأت تفيق أن تستمر في طريقها.
• في ما يتعلق بالبعد الأفريقي.
هل انشغلنا عن قضية مياه النيل بالوضع السياسي المصري؟
– الوضع يتغير للأفضل، وهناك تحرك إيجابي ونشط لوزيري الخارجية والري ونتوقع أن تؤتي هذه التحركات أكلها قريبا.
• الاستفتاء على الدستور هل سيعكس نسبة التأييد لخارطة المرحلة الانتقالية؟
– لا، سيكون على الدستور فقط.
المصدر”الراي”
قم بكتابة اول تعليق