هناك كثيرون من الاحياء لا نشعر بوجودهم، وهناك اكثر منهم من الاموات ممن طواهم النسيان. وهناك قلة زانوا الحياة واسعدوا الاحياء ولم يقو على طيهم نسيان.
من هؤلاء القلة كان العم مصطفى جاسم بودي رحمه الله. لم يكن شخصية رسمية ولكنه كان شخصية عامة مؤثرة وملهمة للآخرين. تميز بأخلاقه الكويتية الاصيلة مدعمة بسعة علم واطلاع ومتوجة بحنكة صقلتها التجارب.
كان رحمه الله رقيق المعشر عف اللسان محكم المنطق غني المعرفة ثاقب الرؤية يقدر الامور حق قدرها ويستشرف القادم والمستجد بهدوء الخبراء ووقار الحكماء.
ديوانه في الشامية كان قبلة الصغير والكبير والغني والفقير. وكل من يأتيه يشعر بعبق التراث الاجتماعي الكويتي بكل معانيه الجميلة مؤطرا بالاحترام والهيبة التي تفرضها شخصية المرحوم العم مصطفى.
سيئاته إن وجدت فإننا لم نر لها اثرا، وحسناته لكثرتها لا يحصيها الا خالقه سبحانه. وقد شاءت الاقدار ان ينتقل فجأة من عالمنا الى العالم العلوي، فكان انتقالا سريعا لم يعان فيه بحمد الله، لكنه ترك فينا فراغا يصعب ملؤه وحزنا ليس سهلا سلوّه.
ونحن نعزي انفسنا ورواد ديوانه مثلما نعزي اهله وذويه واسرة بودي الكريمة.
رحمك الله يا عم بوجاسم… فلست في الغيَّاب بهيّن الفقد.
وأمسيات الأحد من بعدك سيتبدل طعمها وتتغير نكهتها.
نبيل الفضل
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق