في البداية، كل عام والجميع بخير، ومع إجازة طويلة مثل التي نتمتع بها في الكويت تبدأ حكاية السياحة، وهي قصة مؤلمة لبلد جل اقتصاده الريعي على مورد «زائل»، وأما الاستفادة من الفرص المتاحة فهي قضية لا تهم أحداً أبداً وخاصة الحكومة، فما ان تأتي إجازة حتى يكون التسرب والهدر في الديرة كبيرين جداً، ففي هذه الإجازة خرج 300 ألف من البلاد إلى أنحاء المعمورة، فالمتنفس للناس قليل ومكلف.
وظلت مجموعة داخل البلاد لا توجد لديها منافذ السياحة واللهو البريء، فالمتنزهات قليلة، وهي محتكرة، وآخر متنزه حكومي كان في عام 1986، وبالمصادفة حضرت افتتاحه، وكانت الآمال آنذاك كبيرة، وكان متنزه الخيران حدثاً كبيراً في المنطقة، ولا يزال هذا المتنزه مع مشاريع صغيرة هي المتنفس للناس، فجزيرة فيلكا، وهي كنز من الذهب، تحتاج فقط الى إعادة إعمار وجسر مائي من الطوافات أو جسر يصلها بالأرض، وهناك الجانب الشمالي المواجه لجزيرة بوبيان، وهو أيضاً منطقة لمتنزهات يحتاجها الناس.
السياحة منظومة كاملة تتبعها الآثار والمتاحف وتتبعها المطاعم والمقاهي والمسارح والسينما والحفلات، وهي صناعة قائمة بذاتها مترابطة بعضها مع بعض، وللأسف فان جميع دول المنطقة استفادت من هذا المورد وهو السياحة الداخلية والعائلية، ونحن لا ينقصنا شيء، بل الكويت بتركيبتها قد تكون رئة للمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية من حيث الأسواق والمقاهي والمطاعم وتشغيل الحركة الفندقية والمسارح ودور السينما، ولكن العملية تحتاج الى رؤية وقرار. فكم من الوقت أهدر وكم من الموارد تهدر؟ ويبقى المواطن والوافد يبحثان عن متنفس في العطل والأعياد تحفظ الشباب والأطفال من الحوادث.
السياحة الداخلية شأن ليس لشركة حكومية هي المشروعات السياحية أو إدارة صغيرة في وزارة التجارة أو حتى هيئة للسياحة، انها «صناعة» ضاعت في أولويات الحكومة، فأصبح النالس يصرفون أموالهم في مناطق قريبة وأقل من بلادنا بالخدمات، ونحن بحاجة الى خدمات سياحية تنعش الآثار والفنون والمسارح والسينما والخدمات الفندقية والأسواق والمطاعم والمقاهي وتؤتي أكلها ولو بعد حين.
د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق