قبل عطلة العيد كنت معنيا بالفساد في البلد. وبالتحديد بفساد المواطن الكويتي وتحوله الى اداة نهب وتبذير للثروة الوطنية. العطلة الطويلة التي قطعت حبل افكارنا او وضعت حدا لتحديد اوجه الفساد وكشف وسائله ومكوناته هي في الواقع جزء من هذا الفساد واحد صوره الواضحة.
عُطل العالم المتمدن والمنتج يوم او يومان. وفي الغالب لا يتحصل عليها كل العاملين، وحتى من يحظى بها عليه في تلك المجتمعات الفاعلة ان يدفع ثمنها. بمعنى انه في الغالب لا يتلقى اجرا عن اليوم الذي عطل فيه. هنا العطلة دائمة. بالطبع عند الكثير من المحظوظين الذين وفر لهم وضعهم الطبقي او الطائفي او القبلي فرصة للاجازة الدائمة. وهي جزئية عند من يداوم ليوقع فقط. وموسمية مثل عطلة هذا العيد للاغلبية من موظفي او عمال القطاع العام.
العطلة هنا بالاسابيع، هذه الرسمية، لكن اغلب المعطلين او بالاحرى العاطلين يضيفون فوقها بضعة ايام لزوم السفر. فيعطلون قبلها بيوم ويداومون بعدها بايام. وطبعا لا احد يعترض او يحاسب لان الجميع كويتيون والجميع من المحظوظين. العطلة او البطالة لا تؤثر على العامل في القطاع العام فقط. بل هي تؤدي الى شلل القطاع الخاص والى عزوف المواطنين الكويتيين عن العمل فيه. كيف يقبل الكويتي ان يعمل في القطاع الخاص وهو يشاهد اخوانه واصدقاءه يتنعمون بايام واسابيع من الراحة التي يحرم منها هو. بل كيف يتقبل البقاء في اجواء الكويت المسمومة مناخيا واجتماعيا بينما اقرانه يتنعمون ويستمتعون باقطار الارض الفسيحة والمريحة.
ليس فقط العاملون في القطاع الخاص ممن يتأثر بفساد وافساد العطل للموظف الكويتي في القطاع العام. بل ان بعض موظفي القطاع العام. من الفنيين والتكنوقراط الذين تتطلب وظائفهم الفنية والضرورية تواجدهم، يجدون انفسهم محرومين من المتع والاجازات التي يتحصل عليها من هم دونهم علما ورتبة. العاملون في الكهرباء والمواصلات وحتى المستشفيات لا يملكون فرصة الغياب او التهرب التي يملكها اغلب موظفي القطاع العام من الاداريين وموظفي المكاتب الوثيرة. فهم مجبرون بسبب الطوارئ والحوادث على الالتزام بالعمل والحضور الى العمل طوال اليوم والاسبوع وحتى السنة.
فساد موظفي القطاع العام يؤثر على مجمل العاملين في المجتمع. بل هو يؤثر على الجميع. فالكل يصبح اسيرا لعملية الهروب الكبير المستمرة والمتكررة. منتجين او توابع، صغارا ام كبارا. في القطاع العام ام القطاع الخاص، الكل يتأثر والكل او الوطن باكمله يتضرر.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق