حذر استاذ القانون الدستوري د. محمد المقاطع من الاستمرار بالنظام الانتخابي الحالي، المتمثل في الدوائر الخمس، لمخالفته الدستور بوضعه الراهن، بعد صدور الحكم بعدم دستورية مجلس 2012 “المبطل”، موضحا أن “استمراره يعني تصدي المحكمة الدستورية في المستقبل للانتخابات المقبلة وابطالها، وهو أمر سبق أن أشرت إليه منذ عام 2009″.
جاء ذلك خلال ندوة نظمها مركز سامي المنيس أمس، في منطقة العديلية، تحت عنوان “رؤية سياسية حول الأحداث السياسية”، بمشاركة وزير التربية السابق أحمد المليفي، والنائب صالح الملا، ونائب الأمين العام في التحالف الوطني الديمقراطي أنور جمعة.
وأضاف المقاطع أن “الدعوات التي تنادي بعدم التعرض والمساس بنظام الدوائر الانتخابية الحالية أمر غير صحيح، وتعديلها أمر ضروري إذا لم نكن نود الوقوع في نفس الخطأ الحالي الذي أبطل مجلس 2012، لأننا سنشهد وضعا مماثلا في حالة عدم تغيير الدوائر”.
ثلاث نقاط
وأوضح أن نظام الدوائر الحالية معيب في ثلاث نقاط جوهرية، كل واحدة منها تفتح بابا للطعن على الانتخابات، أولها أن إرادة الناخب مقيدة بالدائرة في 40 في المئة من ممثلي الدائرة، أي اختيار 4 مرشحين ممن يمثلون الدائرة، وهو غير متوافق مع المادة 108 من الدستور، التي تنص على أن عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها، وكذلك الحال مع اخفاض عدد أصوات الناخب.
وأشار الى ان الأمر الثاني يتعلق بتقسيم الدوائر الخمس، وما اظهرته من ترشيح وخطاب فئوي، وهو ايضا مخالف للمادة 108 من الدستور وديباجته التي تتحدث عن وحدة الوطن، أما الأمر الثالث فيتمثل في أنها اهدرت نظام المساواة والعدالة في توزيع الناخبين بها.
وأكد ان “حماية إرادة الأمة تأتي بتحمل تبعات المسؤولية التي تقتضي منا أن نصرح ونجاهر حول قضية الدوائر، وأقل ما فيه أن نفتح حوارا حقيقيا دون القفز على الوضع الحالي”.
وذكر أن الوضع القائم لمجلس 2009 بحاجة إلى دعوة لانعقاده، حتى ان تكررت الدعوة له في حال عدم اكتمال النصاب، حتى تتكرر فكرة أن هناك أغلبية واضحة من أعضاء المجلس ترفض الحضور، ويكون بذلك سببا يقود إلى حل المجلس من ناحية دستورية.
وبين أنه “إذا لم نمكن مجلس الأمة من الانعقاد فذلك يعني أننا لم ننفذ حكم المحكمة الدستورية كما ينبغي من الناحية القانونية، والأحوط ان نذهب الى جلسة قسم”، لافتا إلى أنه “لا يجوز إغفال الحقيقة، وهي أن المجالس أتت بإرادة أمة، مع تفاوت درجات الفساد فيها، خصوصا مجلس 2009″.
ردة سياسية
بدوره، قال وزير التربية السابق أحمد المليفي إن “لغة الحوار تدنت في مجلس الأمة خصوصا بعد مجلس 1996، وغاب عنه الاحترام المؤسسي والنصوص الدستورية واللائحية التي نفتقرها اليوم في مجالسنا”، لافتا الى أن “ما يحصل اليوم أطلق عليه ردة سياسية وقانونية، ولا يمكن التشكيك في حكم القضاء، وان كان لدي رأي آخر في الحكم، لكن علينا ان نسعى لتطبيقه”.
وأضاف المليفي أنه “لا يجوز تكوين رصيد شعبي على حطام الوطن، فمؤسسات الدولة وجدار الأمة مطلوب اليوم من الجميع حمايتها من التفكك الذي طال النسيج الاجتماعي، وبلغ مؤسسات البلاد ولغة الحوار أيضا”، مبينا أن “الوضع السياسي للبلد يسير نحو فوضى منظمة، ودخول حديث العقل في ظل هذه الأجواء صعب جدا، لكن ليس مستحيلا أمام آخرين، خصوصا أن هناك تضاربا في المعلومات استنادا الى معلومات خاطئة”.
نظام قمعي
من جهته، قال النائب صالح الملا إن هناك من عاب على ندوة “الكويت إلى أين”، بأنها لم تطرح حلولا، متسائلا: “من قال ان هناك فردا يطرح الحلول، ولو كان هناك فرد يمتلك جميع الحلول لنجحت جميع الأنظمة القمعية؟”، موضحا ان “الفوضى السياسية التي نعيشها اليوم تحتاج لتضافر الجهود دون استثناء، من خلال برامج سياسية واضحة المعالم قابلة للتطبيق.
وذكر الملا أن “هناك من ينتظر حتى يقتنص قضية سياسية ليطرحها على الشارع بشكل بشع لاستنهاض حماسة بعض الشباب دون التفكير في استقرار بلده، واهمها الحديث عن القضاء”، موضحا أنه “يؤمن بانتقاد احكام القضاء، لكن مسألة التشكيك فيه أمر مخيف، خصوصا ان لم يكن الحديث برأي دستوري في حكم المحكمة الدستورية، بل عن تدخل ومؤامرة”، متسائلا: “من المتدخل ومن الذي طبخها؟ ولماذا الوقوف عند نصف الحقيقة ولا يذكر اسماء المتدخلين فيها؟”.
وأشار إلى أن “البعض ممن يشكك في القضاء كان بالأمس يشيد بأحكامه، بدءا من الورقة البيضاء في انتخابات الرئاسة بين جاسم الخرافي وأحمد السعدون، الى أن اسقطت المحكمة قانون التجمعات غير الدستوري، ولم يتبق إلا قانون المسيرات”.
واعتبر الملا ان “المحكمة الدستورية حققت انجازا تاريخيا، لأن الحكم يعتبر سابقة لا يمكن تجاوزها في المستقبل”، مستغربا “من يقول انه لا يمكن ان تتجاوز المحكمة الدستورية إرادة الأمة”، موضحا ان ذلك “يعد فوضى وإلا لماذا هناك دستور وقانون ومحاكم، وهل يمكن لإرادة الأمة ان تحكم في الجنح والجنايات، لذا فإن الحديث عن هذا يعتبر كلام فاضي ولا يخرج من شخص مسؤول”.
ولفت إلى أن “من ينتقد اليوم القضاء كان في وقت سابق صمم بكمم لا يفقهون بدءا من قضية الناقلات”، مشيرا إلى أن “من أتى بإرادة الأمة سيصل بإرادتها مرة أخرى، وإرادة سمو الأمير مازالت قائمة بحله”، مضيفا أن “هناك كثيرا من احكام القضاء بلعنا فيها موس، لكن لن ننقدها اليوم ولم نقع في نفس الخطأ، وظهرنا في الإعلام واتهمنا أشخاصا، بل احترام القضاء واجب وانهيار الثقة به انهيار الدولة بشكل كامل، لذا علينا اليوم إغلاق هذا الملف والحل قادم بلاشك خصوصا ان الحكومة لن تتمكن من أداء القسم أمام مجلس 2009″.
ديمقراطية مجزأة
من جهته، قال نائب الأمين العام في التحالف الوطني الديمقراطي أنور جمعة إن “حكم المحكمة الدستورية جاء بشكل سياسي، ليقول إنه لا سلطان على الدستور، وان الحكم كان موجها للنظام”، موضحا أنه “في المستقبل سنرجع للحكم في حال تعسف النظام في إدارة الدولة، ولا يوجد شعب يؤمن بديمقراطية مجزأة ودون الإيمان بدور القضاء، والتشكيك في أمر القضاء أمر معيب”.
وأضاف الجمعة أن “من عارض الحكم من البرلمانيين إما ان يجهل منطوق الحكم أو يتربص مآرب أخرى”، لافتا الى أن “هناك أحكاما قضائية تمس الوطن أيضا ولم يخرج أحد من المعارضين، ونحن بلعنا موس ولم نتهم القضاء”.
واوضح انه “لا يمكن ان نعيب على غيرنا ممن يرفعون عناوين دون ان نقدم تعديلات دستورية نطرحها أمام الجميع لمناقشتها دون أن نضع أي سقف للتطور المنشود للمرحلة المقبلة بتضافر جهود القوى السياسية، ولا يمكن تقديم أي حلول بجهود أفراد دون تنظيمات سياسية، وإلا اعتبر جهدا موجها إلى فراغ، وهو ما دعينا له في مؤتمر المنبر والتحالف، لإيجاد ورقة توافقية تشمل كل السلطات، وعلينا ان نتجنب التشكيك خصوصا في المرحلة المقبلة”.
قم بكتابة اول تعليق