عبداللطيف الدعيج: هذا وعندنا ديموقراطية

الكويت وطن الاحرار ومسقط رأس عتاة المناضلين من اجل الكرامة والحرية. أتى ترتيبها بعد مائة دولة في العالم من حيث الاهتمام بحقوق الانسان وكرامات الاحرار، والرابعة في دول منطقة معروفة بعدائها للحريات وتحكمها انظمة لاغلبها تاريخ عريق في انتهاك حقوق الانسان. ان نكون المائة او ما يقاربها في عالم متسع ومتطور، سبقنا في التحضر والتمدن، امر نجده مقبولا ومفهوما. لكن ان نحل رابعا بعد دول من مثل حالتنا ومستوانا، ومجتمعات نشأت معنا، بل ان بعضها نما وتقدم بفضل مساهماتنا، فهذا امر غريب وعجيب، وليس من المفروض ان يتقبله الاحرار والمناضلون من اجل الكرامات.

ليس هناك شك ان مناضلينا ومدعي الديموقراطية وحتى الليبرالية عندنا سيوجهون اصبع الاتهام الى السلطة او حتى الحكومة، ويحملونها وحدها مسؤولية التراجع السياسي والعداء للحريات، بينما يمنحون شهادات حسن سلوك لعموم بقية القوى الاجتماعية ومجاميع التخلف بشكل خاص. ايضا ليس لدينا شك في مسؤولية الحكومة، والسلطة بالذات في التدهور السياسي الذي نعيش. لا جدال في ذلك على الاطلاق، في الواقع لولا الملل لعددنا للمرة الالف ممارسات السلطة السابقة وبخاصة عداؤها الموثق والمفروغ منه للحريات وللتطور والتقدم السياسي.

لكن هل السلطة او الحكومة وحدها المعادية للحريات؟ في واقع الامر، واذا استثنينا الموقف الحكومي العنيف لمن اعترض على مرسوم الصوت الواحد، الذي حصنه القضاء اخيرا، من الذي تصدى للحريات ومارس القمع وشرع القوانين لقمع الناس وتحديد حرياتهم؟ من دعا في اولى التظاهرات والتجمعات الى تطبيق قانون المرئي والمسموع؟ ومن هدد واستجوب الحكومة لانها «تخاذلت» في تطبيق القانون القمعي؟! من دعا ولا يزال يدعو الى منع دخول العقول النيرة واصحاب الرؤى الثاقبة والمتحررة للبلد؟ الاجابة جميع ما يسمى بالقوى السياسية، ديموقراطيونا مع شعبويينا مع المتطرفين دينيا منا.. جميعهم تصدوا للحريات وتصدوا ايضا للتساهل الحكومي في تطبيق قوانين القمع الاعلامي.

وحتى «لا نروح بعيد»، من استنكر قبل ايام اقامة الحفلات «الباهتة»، ودعا الى معاقبة المسؤولين عنها؟ من..؟ ومن هو المسؤول الحقيقي عن الغمة الاجتماعية وحتى التخلف السياسي الذي يلف البلد؟ انها مجاميع التخلف. بل ان ذلك يشمل ايضا حتى الجماعات المعارضة، الوطنية منها والشعبوية، التي ألهت نفسها وألهتنا معها بالدفاع المزعوم، بل والكاذب، عن المال العام في سبيل تغطية عجزها عن حماية الحريات وتوافقها مع الاضطهاد والتمييز اللذين يمارسان ضد خلق الله.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.