نبيل الفضل: حل الحل

– الأخطاء التي ارتكبت في حق الكويت الوطن لها أول وليس لها آخر. وتعدادها لن يكون اكثر من اجترار ما يكتبه ويقوله الزملاء الكتاب ويعرفه المواطنون.
وهذه الاخطاء المتراكمة اوصلتنا لحالة الفساد غير المسبوق في تاريخ البشرية وادارة الدول. ولعلاج هذا الوضع المزري فان تشخيص اسبابه جاهزة. والحل كما يرى الجميع بكل ثقة يكمن في تطبيق القانون على الجميع!.
ولكن كيف ومن يطبق القانون في بلد كل مواطن فيه يؤمن ان من حقه ان يخالف القانون، وان القانون لم يوضع ليردعه وانما ليطبق على الآخرين!.
نحن نؤمن بأن الحل في تطبيق القانون، ولكننا نرى صعوبة في تطبيق هذا الحل على ارض الواقع، فنحن بحاجة الى حل لتطبيق الحل!.
وحل الحل في رأينا له طريقان. طريق سريع وطريق يأخذ بعض الوقت. اما الطريق السريع فهو بأن نتحول الى حكم ديكتاتوري لعشر سنوات يقوده فرد، فيعطل مجلس الامة ويأخذ بتطهير البلد من الاخطاء المتراكمة منطلقا من مبدأ حق الدولة قبل حق المواطن.
ثم يتم تعديل الدستور والبدء من جديد بالحياة البرلمانية على أصولها متلافين المثالب والأخطاء السابقة. وبعد ان يعتدل الشعب في اسلوب حياته وتعامله مع القانون والدولة المدنية.
فالديموقراطية الكويتية الحالية وبعد مضي خمسين عاما اثبتت عدم جدواها. واستطاع الناس ان يقلبوا النظرية القائلة بأن زيادة الديموقراطية تصلح الديموقراطية، الى قاعدة ان زيادة الديموقراطية هي تخريب للبلد وقواعد الحياة المدنية.
المشكلة اننا لا نريد ان نحتكم الى الدستور الذي اخترناه بوصلة لحياتنا وديموقراطيتنا التي ندعيها!. والسبب – في رأينا – لتوسع الفساد ينطلق من ان دستورنا مخترق وحراسه هم انفسهم حراميته إلا من رحم ربي منهم، وليس هناك نصير للدستور!.
فنواب الامة وعلى مدى خمسين عاماً لم يكن لديهم من شغل شاغل سوى مخالفة مواد الدستور والانحراف عن اللائحة الداخلية للمجلس، ليكون ذلك بابا لتهميش القانون والانتقائية في تطبيقه على من ومتى ارادوا.
فالنواب يخالفون الدستور من مادة القسم الى المادة خمسين التي تقول ان اساس النظام الديموقراطي هو فصل السلطات.
والنواب هنا نقصد بهم الوزراء كذلك لأنهم نواب بحكم الدستور. ومع ذلك فإن الجميع من النواب والوزراء اصدروا قوانين مخالفة للدستور، كعدم تجنيس غير المسلم. ومنع التعليم المشترك، واصدار ضوابط منتهكة للحرية الشخصية التي يعليها الدستور.
والحقيقة ان الدستور لا حامي له، وان من يفترض به حمايته هو من ينتهكه، والمواطن قد يقاضي النائب أو الوزير على ما يرتكب من فعل او قول، ولكنه لا يستطيع ان يحاسب النائب او الوزير اذا ما خالف الدستور!.
ونحن نظن ان الطريق الذي يأخذ وقتا لحل الحل دون المرور بمرحلة الديكتاتورية المطلوبة، يحتاج منا اصدار تشريع يتيح للناس سهولة الوصول للمحكمة الدستورية مباشرة لرفع قضايا ضد النواب والوزراء الذين يخالفون مواد الدستور بعدما اقسموا امام الله والامير والشعب على حماية الدستور.
ويجب ان يتاح للقضاء حق الاقتصاص من النائب اذا ثبتت ادانته بتجميد عضويته لمدد محددة قد تصل الى الطرد من مجلس الامة، وقد يمنع من مزاولة العمل السياسي مادام لا يحترم قواعد هذا العمل والدستور الذي يحكمه، هذا عدا الغرامات المالية.
وقبل ان يتبجح احد بان النائب يمثل الامة نقول له ان النائب يمثل الامة ما دام يعمل ضمن دستورها وقوانينها، اما وقد خرج عن ذلك فهو لا يستحق شرف تمثيل الشعب.
فليس هناك ناخب انتخب نائبا ليخالف الدستور.
فالكويت اليوم على شفا حفرة لا قرار لها. وعندما تضيع الكويت فلن تنفعنا تنظيرات الليبرالية ولا المواعظ الدينية.
ونحن اليوم امام ثلاث حالات. اما الاستمرار بادارة دولتنا بهذه الطريقة التي يعرف حتى الاطفال نهايتها المأساوية.
واما ان نحترم حالنا ونخضع لقيادة دكتاتورية تجعلنا نسير على العجين فلا «نلخبطه».
واما ان نبتكر وسيلة لمراقبة النواب والوزراء ومحاسبتهم من قبل المواطنين مباشرة عبر القضاء النزيه.
ومن لديه اقتراح آخر فكلنا اذان صاغية. اما ترديد مقولة الحل بتطبيق القانون فقد شبعنا منها، ولكننا نبحث عن حل لتطبيق هذا الحل.

أعزاءنا

هناك حل رابع ربما هو الأقرب للواقع والاسرع. نزيد من جرعة الفساد ونقوي من قوانين الأخلاق الحميدة، لتتصاعد قوة الدفع الطاردة للشباب فيهاجروا الى دول اقل غباء منا.
وبذلك نفرغ الكويت من الشباب خلال عشر سنوات، وعندما لا يكون هناك شعب فلن تكون هناك مشاكل.
نبيل الفضل

المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.