“وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ”(ال عمران 105).
أعتقد أن “الكويت ليست لفئة دون أخرى” من المواطنين. فانتماء الفرد لبيئته الوطنية يُكرِّسُه علاقته المتشعبة والايجابية مع وطنه وأبناء وطنه. فالمواطن الذي يؤمن قولاً وفعلاً أنه كفرد وكعضو مجتمع جزء لا يتجزأ من بيئته الوطنية والاجتماعية, يعرف جيداً أن لا شخص على سطح هذا الكوكب يمكن أن يلغي, وقت ما يشاء, هذه العلاقة المتجذرة بين المواطن ووطنه. فلا تؤثر في المواطن المخلص بعض ترهات الطروحات الفئوية أو الطبقية أو الخطابات التفريقية القبلية أو الطائفية الاقصائية, فالمواطن الحق يعرف في قرارة نفسه أنه ينتمي جسداً وعقلاً ومشاعر لوطن كويتي يقبله مع مواطنيه الآخرين باختلاف أعراقهم ومذاهبهم ومناطقهم السكنية. ومن يؤمن فعلاً أن الكويت ليست ملكاً فقط لفئة معينة من المواطنين, من المفترض أن يعكس تسامحه ومواطنته الصادقة عن طريق الحفاظ على علاقة إيجابية ووثيقة مع أبناء وطنه. فالأوطان لا يمكن أن تمتلكها شريحة معينة من الناس دون آخرين, ولا يمكن أن يستحوذ على آمال وتطلعات وحاضر ومستقبل الوطن فئة اجتماعية أو ثقافية معينة من دون أخرى. ولذلك, فمحاولة إقصاء المواطن الآخر, أو محاولة بث تصنيفات طبقية أو قبلية أو طائفية سلبية وإقصائية في نسيجنا الكويتي الاجتماعي تأتي ضد ما جبل عليه أهل الكويت في ماضيهم وفي حاضرهم. فإذا كانت ثمة سمة اخلاقية يُعرف بها أهل الكويت فهي الآتي: هذا الوطن الطيب يقبل كل مواطنيه, بغض النظر عمن هم? وأين يسكنون? وما هي ثرواتهم? فالكويتي مواطن يتساوى مع مواطنيه الآخرين بالحقوق نفسها ويتحمل الواجبات والمسؤوليات الوطنية نفسها.
أرفض شخصياً قبول فرضية مبالغ فيها, وهي أن التصنيفات الطبقية والفئوية والقبلية والمذهبية هي ما تشكل حاضري ومستقبلي في وطني. فتجاربنا الانسانية المشتركة وذاكرتنا الوطنية ككويتيين شمولية لا تقبل التجزئة ولا تقبل التصنيف العرقي أو الطائفي أو القبلي, فالكويت هي لكل الكويتيين, والكويت هي لمن يخلص لها, ويفتخر بماضيها بإنجازاته التاريخية الرائعة ويقبل حاضرها بتنوعه الايجابي ويؤمن بمستقبلها الواعد.
الخطاب الإقصائي مهما كانت نكهته أو غموضه المصطنع لن يؤدي سوى إلى تفرقة المجتمع المتماسك. فالعقلاء والأسوياء والمواطنون الصالحون الذين يحرصون على مصالح بلادهم تجدهم أكثر الناس نفوراً تجاه أي خطاب تأجيجي وتفريقي. “بوركت يا وطني الكويت لنا سكنا وعشت على المدى وطنا”.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق