أكد عضو التجمع الإسلامي السلفي النائب الدكتور عبدالرحمن الجيران أن التجمع قالها صراحة بأنه لم ولن نؤيد الخروج على نظام بشار الأسد في سورية، رغم وصفه بـ«النظام الكافر»، لافتا على وجود فتوى لعلماء وضعوا شروطا للخروج على الحاكم الكافر وليس الفاسق.
وقال الجيران في لقاء مع «الراي» إن من شروط الخروج على الحاكم، غير المتوافرة في الحالة السورية، وجود القوة والقدرة على ازاحته بأقل الخسائر وإيجاد البديل الناجح من جهة، ومراعاة ظروف المنطقة السياسية وهذا لم يؤخذ بعين الاعتبار من جهة أخرى، مبينا «أنهم يطرقون ابواب العلماء لإيجاد حل لما يحدث، ولكن العلماء لا يرقعون المخالفات وأن من رضي بالمخالفة ابتداء عليه تحملها انتهاءً».
ورأى الجيران أن ما شهده العالم العربي في السنتين الماضيتين لم يكون ربيعا، بل مؤامرة أميركية هدفها تفريغ البلاد من جيوشها حتى لا يبقى في المنطقة جيش سوى جيش إسرائيل، لافتا إلى أنهم نجحوا في ذلك بتدمير جيوش العراق وليبيا وسورية بينما الجيش المصري الآن على المحك، منوها بأن المؤامرات طرقت أبواب الكويت التي أرادت أميركا من خلالها أن تكون بوابة لدخول السعودية، وأن الحراك الذي شهدته البلاد، شهد وجود اياد خفية كانت تحركه مستفيدة من خلط الاوراق «لكن الله رد كيدهم في نحورهم ولم يحققوا شيئا وان الامور الان مستقرة».
وانتقد لغة العواطف والحماس التي كانت طاغية مع بدء الثورة وجرت الشعوب إليها، «والان ذهبت السكرة واتت الفكرة وها هي الشعوب تدفع ثمن انجرارها لهذه المؤامرة التي حيكت بدقة وبدهاء غير متناه».
وتطرق الجيران في اللقاء إلى اتجاه التجمع السلفي السياسي والفرق بينه وبين توجه «حدس» إضافة إلى رؤيته لوضع المجلس ولاسيما بوادر الاستجوابات التي أكد في ملفها أن الرسالة للنواب كانت واضحة منذ افتتاح دور الانعقاد الاول للمجلس الحالي عندما ابلغنا أنه سيحل المجلس إذا رأى العمل يسير باتجاه التأزيم والتصعيد والتكسب السياسي، إضافة إلى عدد من القضايا نتابعها في السطور التالية
• ليس هناك «ربيع عربي» وما حدث مؤامرة أميركية حذرنا منها… ولما «ذهبت السكرة وأتت الفكرة» بدأت الشعوب تدفع ثمن انجرارها
• المشهد السوري كان الفصل الأخير في مؤامرة القضاء على الجيوش العربية… نريد توافقا دوليا على تنحية الأسد الذي قتل شعبه
• السعودية غضبت ورفضت مقعد مجلس الأمن لتناقض السياسة الأميركية التي يمكن أن تضرب القانون الدولي في سبيل مصالحها
• وراء السياسة السعودية هيئة كبار علماء ممن جعل الله لهم قبولاً بالأرض … ومن تعاقبوا على حكم المملكة لم ينفردوا بآرائهم دون مشورتها
• الأكثرية في ميزان الله ليس لها وزن أو اعتبار… ومن يراهن ويدلل على شعبيته والقبول بصناديق الاقتراع أقول له رهانك خاسر
• لا نساير الشارع ولا نجتر الدين لصالح الضغط السياسي فهذا لا يهمنا بقليل أو كثير وليس له أثر على قراراتنا ومبادئنا
• المعوشرجي رجل المرحلة ولم أسمع أن التجمع السلفي يدفع باعتذار عن الاستمرار بالحكومة لترشيح غيره
• رئيسا السلطتين مستهدفان من بعض الأطراف… وكل المجالس كانت تشهد هذه المساعي… و«تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت»
طغيان أميركا
• في البداية لوحظ في الآونة الاخيرة أنك كممثل للتجمع الاسلامي السلفي ونائب تهاجم وبشكل متكرر سياسة الولايات المتحدة الاميركية بالمنطقة، فما الاسباب؟ وهل لهذا الموقف علاقة بالتباين الطارئ في العلاقات السعودية – الاميركية الذي حدث أخيرا نظرا لتزامن الهجوم بتوقيت هذا التباين؟
– لاشك ان طغيان السياسية الخارجية الامريكية في الاونة الاخيرة خدمة لمصالحها لامست الحد غير المقبول والمعقول في مخالفتهم لمبادئ العدل وحقوق الانسان وقواعد وأعراف الامم المتحدة. وقراراتها المنفردة دون موافقات مجلس الامن والأمم المتحدة هو ما جعلها تتخبط والأمثلة على ذلك كثيرة في العراق وأفغانستان وسورية.
ففي العراق اوهموا العالم اجمع بوجود اسلحة كيميائية وجرجروا بريطانيا معهم وفي النهاية ثبت ان دعوتهم تفتقد المصداقية وغير حقيقية. ثم ذهبوا منفردين بغزو العراق ووعدوا بإعادة اعمارها ونشر الديموقراطية واستتباب الامن فيها لكن النتيجة هي الفوضى وغياب ابسط قواعد حقوق الانسان للمواطن العراقي، ثم كان انسحابهم منها بشكل غير مسؤول، لأنهم وعدوا بتأهيل العراق ثم الانسحاب ولكنهم انسحبوا قبل تحقيق وعودهم.
وفي افغانستان تكرر الامر بعد اسقاط حكومة طالبان انسحبوا يجرون اذيال الخيبة والهزيمة دون تنفيذ وعودهم. وفي سورية الامر ذاته فاليوم وصل عدد القتلى الى 100 الف قتيل دماؤهم هدرت واميركا الان تغازل نظام بشار الاسد، فماذا جنينا من تدخلهم في سورية؟ ولماذا ازهقت هذه الارواح وهذا التدمير الحاصل فيها.
• حتى لا يكون هناك لبس حول موقفك من السياسية الاميركية هل توضح موقفك وما اذا كنت تؤيد تدخل الولايات المتحدة الاميركية في سورية دون الحصول على موافقة او قرار مجلس الامن كما حدث في العراق وافغانستان، ام انك تعارض هذا التدخل دون مظلة دولية؟
– انا ذكرت ان هناك تناقضا في السياسية الاميركية فهي لا تخضع لقواعد قوانين العدل بقدر خضوعها لمصالحها الصرفة فأميركا مستعدة لضرب قواعد القانون الدولي في سبيل تحقيق مصالحها وهذا ما حصل في تبدل مواقفها أخيرا في سورية الأمر الذي أغضب السعودية ودفعها لتوجيه رسالة شديدة الوضوح برفض المقعد الصوري في مجلس الامن وهي رسالة تحمل في مضامينها الشيء الكثير.
• هذه المسألة قد نتناولها لاحقا لكني لم احصل منك على اجابة حول ما اذا كنت تؤيد ضرب الولايات المتحدة الاميركية لسورية بشكل منفرد ام لا، وترى انها يجب ان تحصل على موافقة مجلس الامن؟
– في تقديري ان الامر لا يتوقف على ضرب او عدم ضرب سورية ولا نريد ذلك نحن نريد توافقا دوليا على تنحية نظام بشار الاسد الذي قتل شعبه ودمر سورية وكان هو الفصل الاخير في المؤامرة الدولية للقضاء على الجيوش العربية في المنطقة بعد القضاء على الجيش العراقي والليبي والتونسي واليمني، والجيش المصري الان على المحك ولم يبق في المنطقة قوة سوى الجيش الاسرائيلي. وهذا هو الهدف النهائي لثورات الربيع العربي والذي انجرت وراءه الشعوب العربية للأسف.
• هل تقصد انه ليس هناك حركة ربيع للشعوب العربية، وان كل ما حدث في العالم العربي خلال العامين المنصرمين مؤامرة دولية «اميركية» مفتعلة؟
– نعم ليس هناك ربيع عربي وكل ما حدث هو مؤامرة اميركية في المنطقة وقد نبهت من هذا الامر قبل عامين، ولكن للأسف في ذلك الوقت لغة العواطف والحماس كانت هي الطاغية والان ذهبت السكرة واتت الفكرة والشعوب تدفع ثمن انجرارها لهذه المؤامرة التي حيكت بدقة وبدهاء غير متناه.
ربيع المؤامرة
• هذا الحديث مرسل والكل رأى حركات الشعوب الرافضة للظلم والاستبداد والطغيان والفساد والفقر كما حدث في تونس بن علي وليبيا القذافي والان سورية الاسد وفي عدد من البلدان العربية، وهي كفيلة بحد ذاتها لهذا التحرك فكيف تكون هذه الشعوب «العربية» ادوات لمؤامرة اميركية؟
– لنأخذ المسألة بإطارها الاعم في البداية اقر بوجود طغيان وفساد واستبداد وفقر وظلم في بعض البلدان العربية والإسلامية. وبعض الانظمة قبل ثورات الربيع العربي لم تعد تصلح لقيادة شعوب فتية اكثر من نصف سكانها شباب يتطلعون للتغيير واخذ دورهم بالحياة.
لكن هل يعقل ان تنقلب هذه الانظمة الى ظالمة في نظر حلفائها بالغرب بين عشية وضحاها؟ وأين الغرب عن ظلمهم لعقود مضت؟ وهل من المعقول ان يصبح حسني مبارك الان فاسدا والقذافي ظالما وبن علي وصالح على نفس المنوال؟ وأين الغرب عن ظلمهم وفسادهم طوال فترات حكمهم.
أنا هنا لا ادفع عن هذه الانظمة لكني اخاطب الشعوب وأبين لهم موقف الغرب وكيلهم بمكيالين والأمر الاخر اذ كان ما حدث في هذه البلدان ربيعا نابعا من الشعوب وليس مؤامرة أليس من المفترض ان تتجه الامور في هذه البلدان بعد ازاحة انظمتها للأفضل؟ فما حدث هو العكس فالاقتصادات انهارت والأمن غاب والشعوب لم تتفق على انظمة جديدة لإدارتها وآلة القتل والتفجير موجودة فيها.
هذا الحديث في نظر البعض مردود عليه، كون أن ما يحدث في بلدان الربيع العربي بعد اسقاط انظمتها مخاض انتقالي ودليل على ان الانظمة الجديدة ليست انظمة مركزية او ديكتاتورية، والفوضى ستأخذ حاصلها وتنتهي بعد اعتياد الشعوب العربية على التداول السلمي للسلطة.
– ما حدث في عالمنا العربي أخيرا صورة منسوخة لما حدث في اوروبا في عصر النهضة عندما ثارت الشعوب على الكنيسة والقصور الملكية نتيجة الظلم والديكتاتورية. واستطاعت الشعوب انذاك التوافق سريعا على شكل ادارة شؤونهم ووضعوا دساتيرهم لكونها ثورات حقيقية وليست مفتعلة وهذا ما لم يحدث في ثورات الربيع العربي وهذا هو الفرق. فثورات عصر النهضة الاوروبية لم تكن مفتعلة لذلك نجحت وثورات الربيع العربي على العكس لذلك فشلت.
ومن يتابع الاوضاع الاقتصادية في ليبيا وتونس والعراق يرى ان الامر مؤامرة فهل يعقل ان العراق اكبر مصدر للنفط يتم بيعه لصالح احزاب وكل حزب يستخدم النفط لصالحه؟ فما يحدث في عالمنا مؤامرة كبرى تستهدف عدة ابعاد استراتيجية وأمنية واقتصادية ولها ادواتها الداخلية والخارجية السياسية والإعلامية.
• اذا سلمنا جدلا بوجود هذه المؤامرة الكبرى، فما خيار الشعوب العربية المغلوب على امرها؟ وهل تنساق للمشروع الغربي او الاميركي بالمنطقة ام انها تخضع لظلم وطغيان وفساد انظمتها وفقرها؟ وما الحل بالنسبة لهم؟
– هذا سؤال مهم، وإجابته طرحناها قبل سنتين، ولكنها لم تعلن وتأخذ حقها بوسائل الاعلام، وهو حل يعبر عما نؤمن به وانا لا اتحدث باسم جهة واتحدث بحسب قناعتي وما افهمه من ديننا ولأن الانسان يجب ان يكون امينا ازاء هذا الدين وبالتالي نحن لا نساير الشارع ولا نجير الدين لصالح الضغط السياسي، فهو لا يهمنا بقليل او كثير وليس له اثر بقراراتنا او مبادئنا.
وبالعودة للسؤال اؤكد اننا كشعوب عربية داؤنا منا وفينا، وليس من انظمتنا، ومشكلتنا من الافراد، وعلى سبيل المثال في جمهورية مصر العربية عندما حكم الاخوان المسلمون في عهد مرسي ورغم انه حكم اسلامي ازداد الفساد فيها كالرشوة وتجارة السلاح والمخدرات.
وهذا يبين ان الخطأ من الاشخاص وليس النظام، ولو اتيت بأفضل نظام اسلامي للحكم في عالمنا العربي ستظل المشكلة قائمة فالعلة بالشعوب فـ«دود الخل منه وفيه» والى الان لا يوجد لدينا الوعي والثقافة، ففي مصر وعندما خرجت ثورة على نظام مبارك ـ إذا سلمنا جدلا انها ثورة مشروعة وسلمية ـ خربت مرافق الدولة وكثر القتل، فلماذا يكسر الثوار مرافق الدولة؟ ولماذا يحدث قتل؟ وبالمناسبة جميع الثورات العربية ادعت في بدايتها السلمية لكن هذه الدعوة حبر على ورق.
ونحن بالاسلام لا نحتاج في التغيير الى مظاهرات وضغط وصراخ او معرفة رأي الاغلبية ومن يراهن على صناديق الاقتراع اقول له رهانك خاسر، ونحن بالاسلام لا نقيم وزنا للأكثرية ولا نعيرها اعتبارا وليست معيارا لمعرفة الصواب من الخطأ سواء من ناحية شرعية او علمية وواقعية، فالله سبحانه وتعالى قال ان اكثر الناس لا يؤمنون ولا يشكرون ويضلون عن سبيل الله، فالأكثرية في ميزان الله سبحانه وتعالى ليس لها وزن واعتبار ومن يراهن ويدلل على شعبيته والقبول بصناديق الاقتراع اقول له رهانك خاسر.
إن الخطأ فينا وانا لا أؤيد من يريد تغيير الانظمة وفرض نفسه كبديل، ولا يوجد هذا بالاسلام، وعقلا ومنطقا على من يريد ازاحة الانظمة ان يملك البديل الناجح والكفؤ لإدارة دولة وليس إدارة مستشفى. وانا أسأل جماهير الثورات العربية في الساحات هل لديكم بديل لأنظمتكم مؤهل وناجح ومقبول تأتلف حوله القلوب؟ ام ان همك ازاحة النظام «واللي يصير يصير» فهذه هي الفوضى بعينها.
لا خروج على بشار
• هل هذه الدعوة تنسحب على ما يحدث في سورية؟ فنحن نرى من يتبع المنهج السلفي يطالب بإزاحة النظام في سورية فلماذا هذا التناقض من ثورات الربيع العربي من بلد الى آخر لا تؤيدونها في مواقع وتؤيدونها في اخرى كسورية؟
– أقولها بصراحة نحن لم ولن نؤيد الخروج ابتداءً على النظام الكافر في سورية، وهذه فتوى العلماء موجودة وهم وضعوا شروطا للخروج على الحاكم الكافر وليس الفاسق تتمثل في وجود القوة والقدرة على ازاحته بأقل الخسائر وإيجاد البديل الناجح وهذا غير متوافر بالثورة فيها، هذا من جهة ومن جهة اخرى يجب مراعاة ظروف المنطقة السياسية وهذا لم يؤخذ بعين الاعتبار فيها، والان يطرقون ابواب العلماء لإيجاد حل لما يحدث، ولكن العلماء والشريعة لا يرقعون المخالفات وتسلكها ومن رضي بالمخالفة ابتداء عليه تحملها انتهاءً، وفي مصر الاخوان المسلمين رضوا بالفوضى والانقلاب وعليهم ان يرضوا بها انتهاء، ولماذا الان يعتبرون ما حدث انقلابا ضد الشرعية ولم يعتبروا ازاحة مبارك كذلك رغم انهما سيان؟!
• ذكرت في تصريح سابق ان المنهج الاسلامي السلفي مستهدف في حركة الربيع العربي، فهل لك ان تفسر لنا كيف يكون المنهج السلفي مستهدفا عند اسقاط نظام مصنف بحسب الكثير من الاسلاميين بـ«العلماني» كتونس بن علي و«الفاسد» كمصر مبارك و«المجرم» كليبيا القذافي؟
– المنهج السلفي لفهم الاسلام مستهدف من ثورات الربيع العربي، وهذا حق وواقع وما يؤيد ذلك انه لو اقتصر الامر في دول الربيع العربي على ازاحة الانظمة وإحلال انظمة بديلة واستتباب الامن والاقتصاد والأوضاع السياسية لما قلنا ما قلناه، لكن ما حدث فيها من تنظيم لندوات ومؤتمرات لمهاجمة الدعوة والفكر السلفي يعزز هذه القناعة، بل سمعنا خلالها عن تقسيم عجيب لسلفية علمية واخرى جهادية والسلفية لا تقبل التحديد والوصف ونعتها بالإرهاب والتكفير والتفجير رغم ان الدعوة السلفية ابعد ما تكون عن التكفير والقتل. وعلماؤنا قالوا لو كان لدينا مسألة واحدة في الفقه 99 رأيا يكفر قائلها ورأي واحد لا يكفره، نأخذ بعدم كفر قائلها.
بالتالي فإنه بعد الربيع العربي هناك من جعل الدعوة السلفية شماعة لكل اخطاء الامة رغم انها تؤمن بان من السياسة ترك السياسة وبعدم الخروج على الحاكم والصبر والمناصحة، وان الخطأ منا نحن وليس من الحكام، وشيخ الاسلام ابن تيمية يقول «انما اعمالكم صورت لكم بصورة حكامكم» وهي كلمة عظيمة فعملك يصوره الله لك على صورة حاكم، فإذا كنا مستقيمين سيكون حكامنا كذلك، واذ لم نكن سيكونون مثلنا وهذه حقيقة وانا اتحدى ان تكون هناك الشعوب صالحة وحكامها طغاة «فكما تكونوا يولّ عليكم».
النهج السلفي
• هذا قد يقودنا لتساؤل مهم حول نهج ومواقف بعض ممثلي التيار السلفي بالعالم العربي ووصفه دوما بالقرب والتطابق مع سياسة المملكة العربية السعودية الخارجية رغم انها سياسة وعمل بشري واجتهادات قد تصيب وقد تخطئ؟
– لابد ان نعرف ان وراء السياسة السعودية هيئة كبار علماء ممن جعل الله سبحانه وتعالى لهم القبول في الارض، بدليل ان كل العالم يستفتيهم وهي المؤسسة الاولى ان لم تكن الوحيدة على مستوى العالم الاسلامي التي منحها الله سبحانه وتعالى القبول ثم ان الملوك الذين تعاقبوا على حكم المملكة لم ينفردوا بآرائهم دون مشورة العلماء وسماع توجيهم ونصائحهم، فهي دولة تأسست على الدين. فانا لا استطيع ان افرق بين النظام السعودي وهيئة كبار العلماء والتي اخذت نصف مشاق الحكم وذلك لان البيعة التي اخذت للإمام محمد بن عبدالوهاب وابن سعود نصت على ان يحمل الاخير الراية السياسية والأول يحمل الجانب الديني والتوعوي، فالدولة قامت على شقين فالنظام السعودي قطعا يشمل هيئة كبار العلماء ونحن لا نزال نستذكر بكثير من الاعتزاز والفخر موقف الملك فيصل رحمه الله في السبعينات عندما امر بقطع امداد النفط عن الاميركان بسبب صلفهم، وذكر حينها اننا على استعداد للعودة للعهد الاول فالشعب يألف الخيمة والتمر واللبن بمعنى ان الشعب يستطيع الاستغناء عن الحضارة لكن هل الغرب يستطيع ذلك؟ طبعا لا.
• لكن في ما يخص الحالة المصرية حدث خلاف او تباين بين مشايخ الدعوة، ولم يكن محل اجماع، هناك من صنف ما حدث بانه ثورة ثانية وهناك من صنفه على انه انقلاب على الثورة.
– نحن نؤيد السياسة الخارجية الخليجية بقيادة السعودية طالما انها تحقق مقاصد الشريعة وموقفها في مصر هو الحق والثورة الثانية صححت المسار لأن البلد كان منزلقا نحو إيران ورسيا وبفضل الله كان التدخل الخليجي بقيادة السعودية حاسما ومنع ذلك وبالتالي نحن نؤيد سياسة المملكة العربية السعودية طالما انها تحقق الحق والعدل واحكام الشريعة.
• بالعودة للحديث عن المؤامرة الاميركية في المنطقة ترون ان لها ادوات داخلية وخارجية لتنفيذ هذا المشروع، فما من وجهة نظركم هذه الادوات وما موقفكم من الاتهامات الموجهة هنا وهناك لجماعة الاخوان المسلمين وغيرها من التيارات في حركة الربيع العربي؟ وهل تعتبرون من يؤيد هذا المشروع او المؤامرة لو سلمنا جدلا بوجودها اداة لتنفيذها ام هو التقاء مصالح؟
– الاتهام اذا وجه لأي جماعة نقول البينة على من ادعى واليمين على من انكر، وهناك محاكمات تجرى في دولة الامارات العربية حول ضلوع الاخوان المسلمين في المؤامرة الاميركية بالمنطقة ونحن ننتظر نتائج هذه المحاكمات.
اما في جمهورية مصر العربية فأنا كنت متابعا لأوضاعها قبل حدوث الانقلاب على حكم حسني مبارك، فقد قدم «الاخوان المسلمين» في عام 2008 منهج رؤيتهم وتصورهم لمصر وانفسهم كبديل للحكم، ونحن لا نذيع سرا فهذا المنهج موجود بالانترنت وأستطيع ان اقول ان هذا المنهج يحتوي على طامات وأستغرب كيف لجماعة اسلامية ان تقول ما قالت آنذاك ولم اجد فرقا كبيرا بينهم وبين نظام مبارك، وانا هنا اتساءل على اي اساس ينشدون التغيير؟ واذ كان قصدهم من هذا المنهج المطروح عام 2008 التمويه على اساس الفقه المرحلي حتى يتمكنوا من الحكم ثم يتبدل منهجهم اقول لهم ان التاريخ لا يسعفكم. فتمييعهم لقضايا الدين معروف وتحالفهم مع ايران ومباركتهم للثورة الخمينية ووقوفهم للتدخل ضد محاربة صدام حسين عام 1990 والذي على ضوئه تم فصل او عزل تنظيم الكويت على التنظيم العالمي للإخوان، وتشكلت «حدس».
وبالعودة للحديث عن المؤامرة الاميركية نقول نعم هذه المؤامرة لها ادوات بالمنطقة وقد سمعنا وقرأنا عن اكاديمية التغيير او الابداع وهي في النهاية برامج اميركية تمت ترجمتها من اللغة الانكليزية لإقناع الشعوب بجدوى التغيير، وان هذا توقيته وتم استغلال الغضب الكويتي على الفساد وتعطل خطط التنمية الى هذا الاتجاه وتنفيذ البرامج الاميركية وانا اقول ان هذا اجرام بحق الشعب الكويتي وحكم الصباح والاخوة الاسلامية والدينية، وكيف نتنكر لنظام سلمي اسلامي نشأ من تعاقد طرفين بالرضى والود والمحبة.
الكويت والمؤامرة
• هل تقصد ان الكويت كانت على خارطة التغيير والمؤامرة الاميركية التي تزعمها في المنطقة؟
نعم الكويت كانت على خارطة المؤامرة الاميركية للتغير في المنطقة وكانت هي محطة الانطلاق للانتهاء بالمملكة العربية السعودية.
• هذا اتهام خطير للحراك الشعبي الذي شهدته البلاد أخيرا؟
الحراك في الكويت لا نستطيع ان نصف كل من شارك به بأنه جزء من المؤامرة، فهناك من لا يعلم بها وهناك من خرج بنية الاصلاح، ولكن لا شك لدي من خلال قراءاتي العديدة ان هناك ايادي خفية كانت وراء الحرك ومستفيدة من خلط الاوراق والله رد كيدهم في نحورهم والامور الان مستقرة.
• لكن من شارك بالحراك من اهلنا وجيراننا واصدقائنا ونعرف الكثيرين منهم لم يفعلوا ذلك من اجل ما تفضلت به او تنفيذا للأجندة الاميركية ولا نشك بنواياهم؟
– مع احترامي لسؤالك منطق اهلنا وجيرانا واخوانا غير مقبول. ويفترض منا ان نكون على وعي اكثر من ذلك فالاحداث الاخيرة اثبتت ان علينا ان نتوقع غير المتوقع من اقرب المقربين، ومن هذا المنطلق ادعو لمزيد من الحيطة والحذر وان نضع العواطف والحماس جانبا ويجب ألا تغرنا المظاهر والشعارات الاسلامية التي لا تحمل مضمونا.
• لكنك حتى الان لم تقل لي رأيك بما يوجه لجماعة الاخوان المسلمين بالكويت او الحركة الدستورية بالكويت من اتهامات؟
الاخوان ينطلقون وبشهادة العلماء من منطلقات حزبية. وفي تقديري هذا سبب جفاء الناس لهم فموازينهم موازين حزبية وليست شرعية، وهناك جانب يشكرون عليه وهو الاغاثة والمساعدة وتحفيظ القرآن الكريم. لكن مثلما نقول غلطة الشاطر بألف وموقفهم الاخير مما حدث بالكويت جعلهم يخسرون الكثير ويحتاجون لوقت طويل جداً حتى يعودوا لما انتهوا اليه.
• انتم بالتجمع الاسلامي السلفي بدأتم تنحون نحو التنظيم والانخراط بالعمل السياسي وأصبح لديكم هيكل تنظيمي، فما الفرق بينكم وبين الاخوان المسلمين او الحركة الدستورية الاسلامية؟
هناك فرق بين الاثنين فالتجمع الاسلامي السلفي هو تجمع لعمل برلماني سياسي مارسه السلفيون بناء على فتاوى كبار العلماء، وذلك لإصلاح الامة وتوجيه قراراتها وفق للشريعة وليس حزبا سياسيا كالاخوان «حدس» وليس لدى التجمع برنامج يهدف الى الوصول للسلطة كما هو حال الاحزاب السياسية. كما ان عمل التجمع مقدم فيه الرأي الشرعي على الرأي السياسي، ومتى ما خالفنا قواعد الشريعة لكم مطلق الحق بمساءلتنا فنحن لا نخالفها ولا نقدم عليها اي امر.
والأمر الاخر لابد ان نؤكد على حقيقة انه لا فرق بين الشريعة والسياسة فالشريعة هي سياسة والسياسة هي شريعة والفصل لم يأت الينا الا من الغرب عندما ثاروا على الكنيسة. والسياسة تعني النظر في عواقب الامور، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إن بني اسرائيل كانت تسوسهم الانبياء اي ترعاهم. وما اتحدث عنه الان هو سياسة الشريعة القائمة على الشريعة والكتاب والسنة وليس السياسة الوضعية التي يوجهها بوش وبوتين وكلنتون واوباما وغولدن براون وتوني بلير.
انفصال عن أميركا
• بمناسبة الحديث عن سياسة اوباما انت وجهت عدة انتقادات لها في تصريحات عدة سابقة، خاصة ما يتعلق منها بالشق الاقتصادي هل لك ان توضح بواعث هذه الانتقادات؟
– أميركا اليوم في تقديري تعاني من مشكلة ديون تبلغ 17 تريليونا، وتصرفها بهذه الاموال والودائع العالمية غير مسؤول عبر صرفها على برامج فاشلة وتسلح وتجسس وبرامج فضائية عقيمة.
وانا عبر هذا اللقاء ادعو من خلال منبر «الراي» الى ضرورة انشاء اجهزة دولية محايدة لمراقبة عمل المصارف العالمية وأدعو البلاد الى فك ارتباط العملة الكويتية من الدولار الاميركي وعلينا ربطها بسلة عملات تخفض من وزن الدولار الاميركي فيها بشكل كبير لأن استمرار هذا الامر فيه خطر على الأمن القومي.
• إلى اين تتوقع ان تنتهي ازمة الدين الاميركي؟
هناك تقرير نشرته وزيرة الخارجية اليابانية تؤكد فيه ان بلادها تخطط لمرحلة ما بعد اميركا. وهناك حقيقة يجب ان يعرفها العالم اجمع وهي ان نهاية اميركا ليست نهاية العالم. ومن هذا المنطلق انا اؤكد ان اميركا تواجه ازمة كبرى في الديون السيادية ولا تعرف ان تتصرف فيها، وهي من الاسرار المحرم على رؤساء الولايات المتحدة او المرشحين للرئاسة الحديث عنها، وقد تكون ازمة الديون السيادية مؤشرا على قرب انهيار الامبراطورية الاميركية.
ممثل السلفي
• بالانتقال للشأن المحلي كشف النائب الدكتور على العمير لـ«الراي» عن طلب بعض اعضاء الحكومة الحالية من سمو رئيس مجلس الوزراء اعفاءهم من مناصبهم واشيع ان من ضمنهم ممثل التجمع الاسلامي السلفي بالحكومة شريدة المعوشرجي وهناك انباء تشير الى ان التجمع يدفع باعتذار المعوشرجي لرغبته بإدخال احد كوادره او اقطابه بالحكومة عوضا عنه فما صحة ذلك؟
– للمرة الأولى اسمع ان التجمع يدفع باعتذار الوزير المعوشرجي عن الاستمرار بالحكومة لترشيح غيره. وانا اؤكد انه كفاءة وطنية وتاريخية معروف ووضعه على الاوقاف صحيح وهو رجل المرحلة وادعو لاستمراره فيها.
• رغم كل ما تفضلت به، فإن الانباء تؤكد انه هو من طلب اعفاءه؟
نعلم المعاناة الكثيرة التي يعانيها الوزير المعوشرجي ونقدر رغبته بإتاحة الفرصة للدماء الجديدة بالحكومة، لكننا نطالبه بالمرحلة الحالية بالبقاء والاستمرار لكنه ان أصر فإنني اؤكد ان وزارة الاوقاف بحاجة لكفاءة على غرار المعوشرجي.
• مع بداية دور الانعقاد دعا غير نائب الى تعزيز التعاون بين السلطتين لكن يلاحظ ايضا بالمقابل ان هناك عدة تلويحات بمساءلات سياسية وهناك من اعلن صراحة ان هناك استهدافا شخصيا للمجلس ورئيسي السلطتين، فهل تؤيد هذا الطرح ام ترى انه مبالغ فيه؟
– نعم هناك استهداف لإسقاط المجلس والرئيسين. وكل المجالس النيابية كانت تشهد المساعي وانا هنا استشهد ببيت من الشعر كان يردده دائما سمو الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم طيب الله ثراه وهو من الادب العربي يقول:
تهدى الامور بأهل الرأي ماصلحت… فإن تولت فبالأشرار تنقاد
ومن هذا المنطلق ادعو بألا نسمح لأن نجتر الخلافات التي تحدث خارج قاعة عبدالله السالم إلى داخلها نحن مسؤولون امام الله سبحانه وتعالى ثم امام شعب ملفاته متخمة ولا مجال للمزايدة والتكسب والمصالح الانتخابية، فالاسر والموظفون البسطاء يعانون فما الذي سيعود عليهم من فائدة من تصفية الحسابات بين زيد وعبيد وعلينا ان نتسامى على خلافاتنا وانجاز ملف الأولويات وانا اقول «حلوا لنا مشاكلنا، الاسكان والصحة والتعليم وبعدين تهاوشوا على كيفكم».
• هل تعتقد ان المساعي لإفشال هذا المجلس ستنجح؟
جواب هذا السؤال بيد اعضاء مجلس الامة والحكومة، وهم من يحدد فشل المجلس من عدمه. فالنتيجة اننا ابلغنا في جلسة افتتاح دور الانعقاد الحالي اذا تم السير باتجاه التأزيم والتصعيد والتكسب فإنه سيحل مجلس الامة وهذه عين الحكمة بوجهة نظري وهذه رسالة لا تخلو من الحكمة.
وعموما انا ارى ان جميع المؤشرات حتى الان الايجابية فيها اكثر من السلبية، ومبدئيا ما سمعته من وزراء الاسكان والصحة والتعليم حول الملفات العالقة يثلج الصدر وعلينا ان نغلب في الفترة المقبلة التنازل عن الرأي والحكمة.
المصدر”الراي”
قم بكتابة اول تعليق