نبيل الفضل: عطونا شي

نحن نتفهم ونعي ان الشحن السياسي والتصعيد النيابي له دور بارز في عرقلة وتأخر الحكومة عن القيام بواجبها تجاه ترسية المشاريع التنموية والترفيهية والخدماتية. فلا بناء بلا استقرار.
وكذلك نعي ان ذبابة واحدة ذات طنين اذا ما تقصدت شخصا يحاول التركيز في أمر ما، فانها وان لم تأكل من جسده أو تقتله إلا انها قطعا قد تخرجه عن تركيزه وصوابه!.
كما نستوعب ان هناك حواجز من الرقابة تقف حائلا دون طرح المشاريع أو ترسيتها بالوقت المطلوب. وهذا السبب قد دفع الحكومة – مع الأسف- الى تصدير مشاريعها التنموية لرعاية الديوان الأميري كي تتم ترسيتها بالسرعة المطلوبة!.
ولكننا رغم ذلك كله لا نستطيع ان نبرر تقاعس الحكومة عن التأخير في ترسية عشرات العقود التي يمكن ترسيتها!.
أنواع الرقابة المختلفة وضعت لتحفظ المال العام، ولكن تأخير الرقابة يفرض زيادة بالاسعار والكلفة تفوق بكثير ما يمكن ان يهدر أو يسرق لو تمت الترسية دون رقابة. وفي جامعة الشدادية مثال حي، حيث ارتفعت الكلفة من 300 مليون دينار إلى 3 مليارات دينار!.
وكذلك الحال في مشروع المطار الذي كانت تكلفته التقديرية بحدود الثلاثين مليون دينار واليوم نتحدث عما يزيد عن 150 مليون دينار.
اذن فإن التأخير الذي تفرضه الرقابة المسبقة واشتراطاتها ليس بالضرورة ضماناً لحفظ المال العام فقد يكون اكبر وسيلة لمضاعفة الكلفة على المال العام إضافة إلى التأخير.
المهم ان شعب الكويت قد مل التنظير والتبرير وشبع من تكرار الكلام الانشائي، ويريد ان يرى انشاءات ومشاريع قائمة وتحقيق تقدم في الخدمات.
وهناك في رأينا الكثير مما يمكن ان يتم دون حاجة للمرور بالاجراءات المعتادة، بل الحقيقة القائمة هي ان الرقيب النهائي على الحكومة هو مجلس الامة الذي لن يحاسب الحكومة حتى لو خالفت الاجراءات لتحقيق انجازات للشعب.
نحن نمر في ظروف صعبة ونعيش واقعاً مزرياً اذا ما قارنا انفسنا بدول الجوار ولا نقول دول اوروبا. والناس بما فيها نواب الامة يريدون رؤية انجازات على ارض الواقع، ولن يجعلوا الجهات الرقابية حجر عثرة امام سرعة الانجاز. ببساطة الحكومة مع هذا المجلس وفي هذه الظروف نستطيع ان تركن الاجراءات العادية جانباً وتتجه لاجراءات استثنائية لأننا نعيش حالة من اليأس الاستثنائي.
ما الذي يمنع الحكومة – مثلاً – من استقدام عشرين او ثلاثين عيادة متنقلة لعمليات الاسنان واللثة بكوادرها من دول شرق اوروبا؟! وتوزعها في الساحات العامة من الضواحي الكبيرة كي تقلص الوقت الطويل الذي يعانيه المراجعون لمواعيد تمتد لأشهر، وعند انتهاء مشكلة الانتظار تعود تلك الفرق الى دولها.
قد يكلفنا هذا اكثر من بناء عيادات وتوظيف كوادر لها، ولكن هذا الاسلوب اسرع لحل المشكلة وكلفته محددة بوقت معين له نهاية، على عكس كلفة تشغيل عيادة حكومية جديدة.
انه انجاز صغير ولكنه ملموس، فما عذر الحكومة في عدم تبنيه مع اننا قد اقترحنا هذا عليهم اكثر من مرة؟! ومن من نواب المجلس سيعترض على هذه الخطوة؟! وان اعترض واحد او اثنان من اصحاب الطنين، فالعبرة بأغلبية النواب.
ولماذا لا تنتهج الحكومة أسلوبا جديدا فتشجع المستثمرين على الاستثمار في صناعة العلاج والتعليم، فتتكفل بتوجيه وتكلفة المرضى في المستشفيات الخاصة، وكذلك لكلفة الطلبة في المدارس الخاصة، فنحصل على علاجات وخدمات طبية افضل وعلى تعليم ارقى بكلفة على الدولة اقل بكثير من الكلفة المالية للطالب او للمريض، وتتخلص من معوقات الرقابة ومحاسبة المجلس وطنين المزعجين.
فان فشلت الحكومة حتى في تبني هذه الحلول السريعة والفعالة وأصرت على أن تستمر بالسير في دروبها المعتادة، بكل معوقاتها وتأخيرها لتكفر الناس بالإصلاح والتنمية، فلا اقل من ان تلغي ضوابطها الغبية على الحفلات ووسائل الترفيه الطربية، وتترك للناس فرصة تلوين حياتهم الرمادية ببعض الألوان وان يستبدلوا خطاب الصراخ بسماع الأوتار والموسيقى.
بعد هذي ما فيها رقابة مسبقة ولا حتى ديوان محاسبة ولا نحتاج لجنة مناقصات.

أعزاءنا

كورنيش الكويت على شارع الخليجي العربي هو الأطول والأجمل في العالم العربي دون منازع، أعطيت إدارته لشركة حكومية، فلم تطور فيه سوى مقاهي الصيادين!.
وفي الكويت كانت هناك أكبر مدينة ألعاب في العالم العربي تحولت الى حديقة للخردة بفضل إدارة نفس الشركة الحكومية.
فمتى تتعلم الحكومة بأن مشاريع البلد أكثر أمناً وأرخص على الميزانية العامة إذا ما تركت للقطاع الخاص بقانون B.O.T محترم؟!
وبالمناسبة الكويت بحاجة ملحة لمدينتي ألعاب جديدتين لا دور للمشروعات السياحية بها.

 

نبيل الفضل
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.