خالد الجنفاوي: تأجيج “الشارع” .. تصرف غير مسؤول

“يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ” (البقرة 269).
أعتقد أن من ينادي بالخروج إلى الشارع والإحتكام إليه حول قضايا وتحديات من المفروض أن يتم حلها تحت قبة البرلمان يأتي بتصرف غير مسؤول. بل أعتقد أن محاولة تأجيج الشارع ودعوة الناس للخروج عن أطر القانون والنظام العام والاستهتار بالأسس المنظمة للحياة المدنية الكويتية يرسخ سلوكيات وتصرفات الانفلات والاستهانة بمتطلبات الحياة الإنسانية البناءة في مجتمع كويتي ديمقراطي. فالشارع -وبخاصة في ظل وجود مؤسسات ديمقراطية ومدنية- يستمر مساحة ملتبسة ربما ستمكن البعض القليل من الاقدام على تصرفات سلبية للغاية تتعارض مع الثوابت الوطنية الكويتية. ويستمر الشارع موقعاً تسيطر عليه في غالبية الوقت إنفعالات شخصانية للغاية وتصرفات فردية غير مسؤولة وردود فعل غير محسوبة ربما ستضعف بشكل أو بآخر من دعائم “دولة المؤسسات والقانون”.
فاحدى ثوابتنا الوطنية الكويتية تتمثل في رسوخ ذهنية الشورى السمحة وغلبة الإطروحات العقلانية والنقاشات البناءة بين المواطنين الكويتيين وبخاصة في ما يتعلق بقضاياهم وتحدياتهم المشتركة. ومن هذا المنطلق, لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تتحقق شورى بناءة ونقاشات عقلانية وهادئة في الشارع. بل ولن تثبت أهمية دولة المؤسسات والقانون في أذهان عامة الناس ولن يتحقق نقاش بناء في شارع يبدو انه لا تحكمه حدود قانونية وديمقراطية واضحة. فمن ينادي بالاحتكام للشارع بزعم إيجاد حلول عملية وناجعة لتحدياتنا المشتركة كمواطنين كويتيين يدعو بشكل أو بآخر لإضعاف مؤسساتنا الديمقراطية والمدنية. وبالطبع من يدعو إلى بث الفوضى والانفلات في مجتمع مدني وديمقراطي ومنظم سيتجه عادة إلى الشارع لظنه أنه ربما سيحقق غاياته ومصالحه الشخصية الضيقة والتي لا يمكن لها أن تتحقق بشكل ينسجم مع العقلانية والمنطق والحياة المدنية المنظمة وإستناداً إلى الاعتبارات التاريخية الراسخة.
المواطن الكويتي الحق هو من يستمر عوناً لوطنه وليس عوناً عليه. ومن هذا المنطلق, فالمسؤولية الاجتماعية والواجب الأخلاقي الوطني تتطلب من المواطن الكويتي الصالح تكريس النظامية في حياته اليومية وإحترام القانون والبعد عن إثارة القلاقل والفتن في مجتمعنا الكويتي المتوحد. فتأجيج الشارع من أجل الخروج على ما تتوافق عليه غالبية المواطنين الكويتيين من عهود ومواثيق وعلاقات إجتماعية مترابطة ومتداخلة سيأتي دائماً بنتائج سلبية للغاية. فلا تقدم ولا تطور ولا رسوخ لديمقراطية بناءة ومعتدلة مع شحن الشارع وتأجيجه لغايات مشبوهه. فلعل وعسى.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.