نص النطق السامي والخطاب الأميري لسمو أمير البلاد في افتتاح دور الانعقاد الثاني

تفضل حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه اليوم بافتتاح دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي ال14 لمجلس الأمة بالقاء النطق السامي والخطاب الأميري ايذانا بانطلاق أعمال دور الانعقاد الجديد.
وفيما يلي نص النطق السامي والخطاب الأميري..
بسم الله الرحمن الرحيم

“وأوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا” صدق الله العظيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين وعلى آله وصحبه الأكرمين.

الأخ رئيس مجلس الأمة الأخوة الأعضاء المحترمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
أحييكم اكرم تحية ويسرني ان التقي معكم اليوم لافتتاح دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الرابع عشر سائلا العلي القدير أن يلهمنا جميعا السداد والرشاد والتوفيق.

ولقد اسعدنا كما اسعد الكويتيين جميعا ما لاحظناه في الآونة الاخيرة من مؤشرات طيبة وتوجهات إيجابية لمجلسكم الموقر لتلمس هموم المواطنين وتقصي اهتماماتهم واحتياجاتهم وكذلك ما برز من بوادر الحرص المشترك على التشاور والتعاون بين المجلس والحكومة وصولا إلى ما يحقق المصلحة والخير للوطن والمواطنين ونحن بدورنا نبارك هذه المبادرات والتوجهات ونراها مداعاة للتفاؤل وفاتحة خير لمرحلة واعدة من العمل الجاد والممارسة الفعالة لدوركم في الرقابة والتشريع وتجسيدا عمليا طيبا للتعاون البناء وفقا للمادة (50) من الدستور.

إن الدستور هو مرجعكم والميثاق الذي يحكم بينكم وينير طريقكم ولنا في قضائنا العادل المشهود له بالنزاهة والحياد خير ملاذ فيما قد تختلفون حوله من أمور فقضاؤنا دائما موضع اعتزاز وتقدير من الجميع.

الأخوة الأفاضل .. رئيس وأعضاء المجلس المحترمين لا شك بأن مظاهر الخلل التي تعيق مسيرة العمل الوطني هي حصيلة أخطاء وممارسات سلبية تراكمت عبر الزمن وتكرست معها الكثير من المفاهيم الخاطئة الضارة وقد بات من الضروري تصحيح هذه المفاهيم وإعادة الأمور الى نصابها الصحيح ولاسيما بعد مضي عقود طويلة على قيام مؤسسات الدولة الحديثة وقد حان الوقت لإطلاق مرحلة فاصلة جديدة ونقلة نوعية كبرى هدفها الاصلاح الشامل واستكمال البناء والتنمية والتطوير في كافة مناحي الحياة بما يستوجب إعادة النظر في تشريعات وسياسات ومفاهيم وممارسات تجاوزها الوقت والظروف ولم تعد صالحة لحاضرنا ومستقبلنا كما حان الوقت لاعتماد منهجية عمل جديدة تستهدف إحياء وتفعيل قيم ومبادئ ومفاهيم أساسية لمسيرتنا الوطنية الحاضرة تتكامل فيها الأدوار وتتظافر فيها كل الجهود وتتجسد فيها روح المسئولية والجدية والانضباط والمساءلة والمحاسبة الموضوعية في إطار وطني شامل يكفل تحقيق الأهداف الوطنية ويرتقي بوطننا إلى مكانته المستحقة وفيما يلي أبرز محاورها..

-إن أهم أولوياتنا دائما وأبدا حماية أمن الكويت داخليا وخارجيا وتأمين الاستقرار وسيادة القانون ولا تهاون أو تساهل في ذلك فاجعلوا أمن الكويت واستقرارها دائما نصب أعينكم ثم بعد ذلك العمل غاية جهدنا لإسعاد الكويتيين جميعا وتوفير أسباب الرفاه والحياة الكريمة لهم.
-إن من أهم نعم الله على هذا البلد الأمين أن ألف بين قلوب أبنائه على اختلاف مشاربهم وتنوع أصولهم وتعدد منابعهم.

ونحن اليوم نقول ان التنوع والتعدد مصدر قوة وثراء للمجتمع والوطن وان من يحاول إشاعة العداوة والبغضاء في صفوف المجتمع وإثارة الفتن بين المواطنين لا يريد لهذا البلد خيرا بل يعمل لهدم الوحدة الوطنية ويسعى الى تمزيق المجتمع وجر البلاد الى هاوية الخراب والدمار ولنا فيما يجري في بلدان عديدة حولنا خير واعظ لنا والعاقل من اتعظ بغيره.

-إن التوجه الاول للجهد الوطني اليوم يجب ان يكون نحو الاصلاح والبناء وتعويض ما فاتنا خلال سنوات من التوتر والاحتقان وضياع الجهد والفرص كما يجب الان التركيز على الحاضر والاستعداد للمستقبل وتجاوز الانغماس في متاهات الجدل العقيم او نبش احداث صارت جزء من الماضي وألا تشغلكم عثرات الماضي عن استحقاقات يومكم وغدكم.

-إن المواطنة الحقة مسؤولية عظيمة وأمانة غالية وهي حقوق تقابلها واجبات وأخذ يسبقه عطاء ومزايا تعادلها التزامات وإن صدق الانتماء الوطني هو ارتباط مصيري في السراء والضراء وأن كل مواطن شريك في المجتمع.

-ترشيد العمل السياسي والممارسة الديمقراطية وترسيخ ثقافة الحوار والوفاق والتسامح والحلول الوسط ورفض الاقصاء وقبول حق الاختلاف واحترام الرأي الاخر ولكن علينا ان ندرك بأن ذلك لا يتحقق بجرة قلم ولا يتم بين عشية وضحاها بل من خلال سلسلة من الممارسات والتجارب المتواصلة التي تستوجب عزما صادقا وجهدا مخلصا وقد تستغرق سنينا طويلة واجيالا ويعلم الجميع بأن الدول العريقة بالديمقراطية قد احتاجت قرونا من الزمان لتصل الى ما وصلت اليه في انضاج تجربتها.

ولاشك بأن بوادر التشاور والتعاون التي تلوح في الأفق بين المجلس والحكومة تشكل بيئة صالحة وأجواء هادئة مواتية وحوافز قوية للعمل الجاد المخلص وانطلاق مسيرة الاصلاح والبناء والتنمية الشاملة التي يتسع نطاقها لمشاركة كافة أبناء الوطن بجهودهم وسواعدهم ومشورتهم وأموالهم لا تستغني عن أي جهد صغر ام كبر ولا ترد أي عطاء قل أو كثر لأنها مسيرة الجميع لخير الجميع في وطن الجميع.

– وعندما نتحدث عن التنمية فإن التنمية الوطنية الحقة ليست مجرد مبان شاهقة رغم جمالها ولا مجرد أسواق فاخرة رغم فوائدها ولا مجرد طرق ومطارات ومرافق رغم ضرورتها بل التنمية البشرية تنمية المواطن الصالح والانسان الايجابي هي الاساس الاهم والاجدى وهي الاصعب منالا والاعلى قيمة ومن هنا فإن رعاية الشباب وتمكينهم تشكل محورا رئيسيا في برنامج العمل الوطني ويستوجب دعم التواصل مع الشباب والاستماع الى آرائهم وهمومهم وزيادة دورهم ومشاركتهم في ادارة شؤون البلاد وتدريبهم وتأهيلهم وتعزيز قدراتهم على الانتاج والابداع والابتكار وخلق مزيد من فرص العمل لهم ودعم إقبالهم على المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

– إن للمال العام حرمة وحصانة بل قدسية يجب احترامها وحمايتها وان مال الدولة هو مال المواطنين جميعا وان العبث بالمال العام او سرقته كسرقة مال الجار أو العبث به بما يستوجب اتخاذ كل التدابير الجادة لضمان الحفاظ عليه ومنع الاعتداء عليه. – ستبرز تحديات ومعوقات في طريق مسيرتنا فلا نتوقف ولا نتراجع ولا نيأس فهذه طبيعة الحياة وكل مسيرات النجاح على مر العصور واجهت الصعاب والتحديات والمعوقات ولكننا بعون الله وفضله نملك من العزيمة والإمكانات ما يؤهلنا لانجاز المزيد وتجاوز هذه التحديات.

الاخوة رئيس وأعضاء المجلس المحترمين…
تظل الكويت كدأبها دائما صادقة في مواقفها وفية لمبادئها عضوا حيويا فعالا في جسم الوطن العربي من المحيط إلى الخليج تفرح لأفراحه وتحزن لأحزانه لا تتردد في مد يد العون والمساعدة تخفيفا للآلام وتضميدا للجراح ورفعا للمعاناة ما استطاعت إلى ذلك سبيلا بغير من ولا غرض وبمنأى عن التدخل في الشؤون الداخلية في تضامن مصيري مع الأشقاء في الخليج وتعاون وثيق مع سائر الدول العربية الشقيقة والصديقة.

وفي هذا الإطار فسوف تستضيف الكويت قريبا القمة العربية الافريقية والقمة الخليجية وكذلك المؤتمر الثاني للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا والله نسأل ان تكلل أعمالها بالنجاح المأمول في تحقيق غاياتها السامية.

هذه أيها الأخوة والأبناء أبرز معالم رؤيتنا للحاضر والمستقبل القريب فإذا كانت التحديات كبيرة والآمال عريضة فإن ثقة أهل الكويت بكم أكبر وأقوى ولي وطيد الأمل أنكم جميعا مجلسا وحكومة ستكونون بعون الله عند حسن الظن حريصين على التعاون الصادق باذلين غاية الجهد لما فيه خير ورفعة الكويت ورفاه شعبها وتأمين مسيرتها المباركة بإذن الله على طريق البناء والتقدم وحمايتها من شرور الأخطار والكوارث المحيطة بها سائلين المولى تعالى أن يوفقكم ويهديكم سواء السبيل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.