رئيس مجلس الأمة: الإصلاح هو الضمانة الحقيقية للاستقرار والتنمية

أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم إن الإصلاح هو الضمانة الحقيقية للاستقرار والتنمية وأن تستوعب الحكومة المتغيرات وتكون بمستوى التحديات لتنجح في تحقيق أهداف الإصلاح المنشود وتستعيد ثقة المواطنين ويستعيد المواطنون ثقتهم بمستقبلهم.
وشدد الغانم خلال كلمته في افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة اليوم على ان الإصلاح لابد أن ينطلق من الحكومة ومجلس الأمة بل ويبدأ بهما ويكون هدفه ترسيخ دولة المؤسسات وتكريس هيبة الدولة وسيادة القانون والحكم الرشيد وتصحيح الاختلالات الاقتصادية ورفع القدرة التنافسية لاقتصادنا الوطني.

ودعا المؤسستين التشريعية والتنفيذية الى وضع التخطيط الإنمائي على أسس سليمة وانتشال الإدارة العامة من أوضاعها المتردية وتشييد ثقافة وطنية جامعة ومواتية للتقدم والحداثة وقبل ذلك وبعده ترسيخ مبادئ الشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص التي إن أصابها الإهمال والتراخي أصاب الوهن المجتمع كله.

واشار الى ان المعضلة تكمن في إرادة التغيير المعطلة وفي قرارات الإصلاح المؤجلة وغياب الرؤية الوطنية الجامعة وفي الاختلاف الذي تحول إلى خلاف ومنازعة وفي الممارسة السياسية التي عطلت الأولويات وفي الاعتبارات الشخصية التي همشت الكفاءات وفي البرامج التنفيذية التي لا تنفذ وفي خطط التنمية التي تعد وتبقى حبرا على ورق.

وفيما يلي نص الكلمة..
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.

حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظكم الله سمو ولي العهد رعاكم الله سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر الأخوة والأخوات الأفاضل ضيوفنا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول المولى عز وجل “ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما”. صدق الله العظيم (الأحزاب 70 + 71).

بالنيابة عن زملائي أعضاء مجلس الأمة وبالأصالة عن نفسي يشرفني أن أرحب بسموكم وسمو ولي عهدكم الأمين بين ممثلي شعبكم الذي يكن لكم من المحبة والوفاء والولاء ما يكافئ مقامكم السامي ويجازي تاريخكم في الصف الأول من جيل الآباء المؤسسين الذين رفعوا دعائم الدولة ورسخوا مبادئ الدستور ووضعوا معالم الطريق فأهلا بك أبا ومؤسسا وقائدا وأميرا.

لقد تشرفنا يا صاحب السمو بحضوركم وتفضلكم بافتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الرابع عشر وأنصتنا باحترام واهتمام لما تضمنه خطابكم السامي من حكيم القول وسديد الرأي وكريم الدعم وهو ما جاء تأكيدا وتجديدا لنطقكم السامي في دور الانعقاد السابق من تصميم على بداية مرحلة جديدة من العمل السياسي تقوم على التعاون الصادق بين السلطتين في إطار التكامل والاحترام وبما يحقق العدل والتنمية والمشروع الوطني للاصلاح الشامل الذي تفضلتم بإطلاق دعوته وتوضيح أسسه.

ونحن بدورنا – يا صاحب السمو – نؤكد أننا نتطلع لهذه المرحلة بأيد ممدودة وأفكار منفتحة وعزيمة صادقة متمسكين بالدستور نصا وروحا وملتزمين بالقانون حزما وعدلا لتعود مسيرة الديموقراطية إلى نهجها السليم وتعاود التنمية نشاطها الصحيح ونستعيد رقي الخطاب وموضوعية الحوار في السعي لتحقيق رفعة الوطن وآمال المواطن.

حضرة صاحب السمو إن صفحة جديدة في العمل السياسي الوطني تعني بالتأكيد أن أمورا كثيرة يجب أن يطالها التغيير وممارسات عديدة ينبغي أن تكون محل إصلاح وتطوير إنها سنة الحياة وديدن البشر فتاريخ البشر لا يعرف السكون والبشر إلى الأمام يتطلعون وهكذا نحن ينبغي أن نكون. وفي ذلك لابد أن نطور رؤانا ونحدث غاياتنا ونصلح وسائلنا فلا يستقيم أن تبقى على حالها في صفحة جديدة يتطلع إليها أهل الكويت.

وإذا كانت السلطتان التشريعية والتنفيذية مسؤولتين عن حصاد المرحلة السابقة بكل نجاحاتها واخفاقاتها وبكل دروسها ومراراتها فإن السلطتين مسؤولتان عن نجاح المرحلة القادمة بكل تطلعاتها وآمالها وتحدياتها. فالإصلاح لابد أن ينطلق من الحكومة ومجلس الأمة بل ويبدأ بهما ويكون هدفه ترسيخ دولة المؤسسات وتكريس هيبة الدولة وسيادة القانون والحكم الرشيد وتصحيح الاختلالات الاقتصادية ورفع القدرة التنافسية لاقتصادنا الوطني ووضع التخطيط الإنمائي على أسس سليمة وانتشال الإدارة العامة من أوضاعها المتردية وتشييد ثقافة وطنية جامعة ومواتية للتقدم والحداثة وقبل ذلك وبعده ترسيخ مبادئ الشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص التي إن أصابها الإهمال والتراخي أصاب الوهن المجتمع كله.

وأجد من المهم هنا أن نتصارح بود ومحبة من منطلق الحرص على هذا الوطن فالمعضلة الأساسية في تقديري لا تكمن في قدرتنا على الفهم النظري لأوضاعنا ولا في إمكانيتنا على التشخيص السليم لشؤوننا ولا في قدرتنا على معالجة مشاكلنا فتلك جميعا تتوفر لدينا وأشبعناها لجانا ودراسات وقرارات ولكنها للأسف الشديد لم يكن لها إلى التنفيذ سبيل ولا إلى الواقع طريق وبقيت طي الأدراج المهملة يطويها النسيان وأخشى القول الإخوة والأخوات إن المعضلة تكمن في غير ذلك…

إنها تكمن في إرادة التغيير المعطلة وفي قرارات الإصلاح المؤجلة. إنها في غياب الرؤية الوطنية الجامعة وفي الاختلاف الذي تحول إلى خلاف ومنازعة. إنها في الممارسة السياسية التي عطلت الأولويات وفي الاعتبارات الشخصية التي همشت الكفاءات.

إنها في البرامج التنفيذية التي لا تنفذ وفي خطط التنمية التي تعد وتبقى حبرا على ورق.

إنها في هدر الموارد والإمكانات وسوء استخدام القدرات والطاقات وفي ذلك كله.

إنها في جلد الذات الذي استشرى في خطابنا وفي حالة الإحباط التي عطلت إمكاناتنا.

إنها تكمن في كل ذلك وذلك لا يبعث على الارتياح ولا يوفر مقومات الإصلاح ولا يتحقق في ظله النجاح إنها معضلة دون شك لكنها بالتأكيد ليست مستعصية على الحل والحديث عنها من باب المصارحة وليس ضربا من جلد الذات ولا ينبغي أن يسوقنا لليأس والإحباط وعلينا جميعا مسؤولية وطنية لنتوقف عندها نتأمل في أبعادها نتحاور في سبل علاجها ونعمل مجتمعين للتغلب عليها. إن الإصلاح هو الضمانة الحقيقية للاستقرار والتنمية وفي هذا الصدد لا بد للحكومة أن تستوعب المتغيرات وتكون بمستوى التحديات لتنجح في تحقيق أهداف الإصلاح المنشود وتستعيد ثقة المواطنين ويستعيد المواطنون ثقتهم بمستقبلهم وبالمقابل لا بد أن ينتقل أعضاء مجلس الأمة من مقاعد تمثيل الدائرة إلى مواقع تمثيل الوطن لكي نعمل جميعا على توظيف السياسة في خدمة الكويت بدل أن نسخر الوطن لخدمة السياسة.

حضرة صاحب السمو الإخوة والأخوات إن ممارستنا الديمقراطية سوف تحقق أهدافها بإذن الله ونظامنا الدستوري سوف يبلغ غاياته بعونه تعالى والتنمية سوف تؤتي ثمارها بفضله سبحانه ولكن ذلك لا يكتمل إلا على مرتكزات صلبة ينبغي أن نعمقها في الفكر ونؤكدها في الممارسة.

أولها وحدتنا الوطنية التي هي الحصن الحصين لأمننا واستقرارنا فلا انتماء إلا للكويت ولا ولاء إلا لها ولا مصلحة تعلو على مصلحتها وثانيها الشراكة الوطنية العادلة باعتبارها أساس المواطنة فلا عزل ولا إقصاء ولا تهميش الجميع شركاء والوطن للجميع.

وثالثها قيم الديمقراطية الحقة التي تتوج الوحدة الوطنية وتعزز الشراكة المجتمعية وآخرها التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية باعتباره أصلا دستوريا لا يعمل نظام فصل السلطات إلا بموجبه.

إن تلك المرتكزات يجب أن تكون دوما نصب أعيننا ومحل حرصنا وموضع عنايتنا مجلسا وحكومة مسؤولين ومواطنين وسائل إعلام ومجتمع مدني وعلينا تكريسها في ثقافتنا السياسية وصيانتها في ممارستنا الديمقراطية.

وانطلاقا من كل ذلك على الحكومة أن تقوم بواجباتها الوطنية على النحو الأمثل وتؤدي التزاماتها الدستورية على الوجه الأكمل دون انتقاص أو مماطلة أو تكتيك ومناورة وعليها تكريس سيادة القانون فلا يعلو عليه أحد ولا يستثنى منه أحد ولا يكون فوق الدولة ومؤسساتها أحد فتجعل للقانون هيبة وللدولة مكانة وللنظام احترام.

وإنني إذ أقدر بالغ التقدير رغبة الحكومة الموقرة في التعاون الإيجابي مع مجلس الامة فإنني أؤكد كذلك على جدية المجلس إن شاء الله على ترسيخ التعاون بين السلطتين غير أن ذلك سيكون له مؤشرات مهمة سيأخذها المجلس بالحسبان وفي منتهى الجدية ولن يتوانى عن استخدام أدواته الرقابية إذا لم تكن بالمستوى المطلوب علما بأننا ننظر دائما إلى المساءلة السياسية الموضوعية باعتبارها أداة إصلاح لا وسيلة إقصاء وننظر إلى الرقابة المسؤولة باعتبارها أسلوب تصحيح لا أداة تجريح.

حضرة صاحب السمو الأخوة والأخوات إن ذلك جانب من المشهد الوطني الذي نتطلع إليه وجانبه المكمل يتعلق بالسلطة التشريعية ومثلما لمجلس الأمة حقوق واختصاصات عليه كذلك مسؤوليات والتزامات ومؤشرات يحاسب عليها أمام الله سبحانه وأمام المواطن الكويتي.

وأصارحكم الأخوة والأخوات وبكل صدق وإخلاص وأنا لست بأشد منكم حرصا ولا أكثر علما إن قلقا بدأ يكبر ويتنامى بين المواطنين بشأن دور مجلس الأمة في التنمية وفي تحقيق أهداف نظامنا الدستوري قلق يبرره ما شاب مسيرتنا الديمقراطية من عثرات وأزمات خصوصا في السنوات القليلة الماضية وهو ما يجب أن ننتبه له ويكون نصب أعيننا دوما فنجعل من ممارستنا الديمقراطية ممارسة واعية وحكيمة ونجعل من مؤسستنا الدستو

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.