رأيته مكفهر الوجه عابساً حانقاً على كل من حوله، يلعن الحظ، ولا يطيق الكلام مع اهله واصدقائه، فقد ظن انهم خذلوه ولم يقوموا بما يجب تجاهه، ولولا ذلك لنجح بالانتخابات، ولكوني قريباً منه قال لي: ان الرقم الذي كنت متأكدا منه اكثر بكثير مما حصلت عليه، مما يدل على ان الذين وعدوني لم يوفوا بوعودهم، قلت له: يا اخي لا تبتئس، فهذه ليست نهاية العالم، فمعظم الذين يتقدمون بالانتخابات يتعثرون في المراحل الاولى، فتشرشل مثلا، سقط في الانتخابات، ثم اصبح من اعظم زعماء عصره، هتلر سقط بالانتخابات التمهيدية لحزبه، ثم كان ما كان من امره، النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يستجب لدعوته وخذله ابناء عمومته سنوات طويلة، ولكنه في النهاية غيّر معالم الكون وزلزل اركان الامبراطوريات، معظم رؤساء العالم، وحتى رؤساء مجالس امة سابقة، قد فشلوا في الوصول الى سدة البرلمان او الرئاسة، فالرئيس السابق احمد السعدون لم يحالفه الحظ اول مرة، وكذلك الرئيس السابق محمد العدساني، والرئيس السابق جاسم الخرافي، لكنهم بالتصميم والعزم استطاعوا ان يتخطوا هذه الكبوة، يا صديقي، السياسة لا تعرف المهزومين ولا تفتح نوافذها لليائسين.
الانتخابات لعبة سياسية يجب ان تفهم اصولها، لذلك عليك ان تستعد من الان للانتخابات المقبلة، اولاً حدد اخطاءك ان كانت لك اخطاء، ولا تلعن الحظ فهو ضيف اذا رأى التشاؤم في وجهك طفش منك، بينما يبارك للوجوه المسفرة، وتعرّف على ما يعجب الناس من القول والفعل، ولا تتخلّ عن خدمتهم، فبعض الناس يقدّر من يساعده، وكن على اتصال بالدواوين والتجمعات، ارسم ابتسامة دائمة على وجهك، فالناس يحبون من يبعث الامل في نفوسهم ويبشر ولا ينفر، وتذكر ان الكلمة الحلوة نغم يطرب لها الكثيرون، تجنب الكذب والمبالغة، فالناس لديهم جهاز لكشف الكذب، ولا بأس من مهاجمة الفساد والمفسدين، فهذا يقربك من كل مخلص في هذا البلد، وضع لك برنامجا صغيرا وواقعيا ولا تبالغ فيه، واذا فزت فلا تتعالَ على الناس، فهم لا يحبون كل مختال فخور، ولكي ترتاح نفسيا تذكر قوله تعالى في محكم تنزيله: «ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم والله لا يحب كل مختال فخور» (الحديد: 22، 23).
د. صلاح العتيقي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق