صار في حكم المؤكد أن حالة الاستقرار الأمني التي كانت تتوافر للمجتمعات العربية قبل الربيع العربي حالة غير حقيقية ولا تعبر عن واقع هذه المجتمعات، بل هي حالة مزيفة فرضتها الأنظمة القمعية بالبطش والقهر. لذلك صاحب انهيار النظام السياسي تمزق الاستقرار الأمني واندلاع الفوضى والتناحر، وكأن تلك الأنظمة كانت ستائر تغطي جدارا آيلا للسقوط ظهر على حقيقته حالما تم رفع الستار.. وسقط الجدار.
يمكن للمتابع أن يلاحظ أن الطرف السياسي الديني هو القاسم المشترك في جميع مواقع الاحتراب الناجم عن الربيع العربي، والغريب أن هذا الطرف كان الأكثر حديثا عن المظلومية وقد روج لهذه الأكذوبة طوال فترة حكم الأنظمة القمعية التي ظلمت بلدانها ولم تظلم هذا التيار وحده، بيد أن الضحية صارت تنافس جلادها القديم بالبطش والإلغاء والإصرار على اختطاف الدولة وكأنها الطرف المرسل من السماء لإنقاذ الأرض ومن عليها.
كما يمكن ملاحظة أن نزعة الانفراد بالحكم ليست الصفة أو العاهة الوحيدة التي أخذها التيار السياسي الديني من الأنظمة القمعية التي كانت تقوم بتشويه سمعة التيار الديني وتبرر قمعه بالخشية من الإرهاب فقد أصبح هذا التيار الفوضوي يقوم بهذه المهمة بنفسه ولا أحد ينوب عنه. فالناس التي كانت تسمع «الوعود» أمست اليوم تسمع «الوعيد» وليت سقراط الذي قال «تكلم حتى أراك» قال.. احكم حتى يراك الناس ويحكموا عليك.
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق