صلاح الساير: غدنا المستقيل

لم أصدف في حياتي خناقة عربية بسبب الخلاف على المستقبل، ليس لأن العرب متفقون بشأنه، بل لأنه لا وجود لهذا المستقبل في حياتنا الحاضرة، فالغد ساقط من تقاويمنا وخارج دوائر اهتماماتنا.

لذلك تخصص العرب في الخصومات الماضوية. فنحن على الدوام نختلف حول الماضي في مجال الأنساب أو الهجرات أو التاريخ أو الأمثلة الشعبية ونحو ذلك من مضامير الخلاف.
في عوالم العرب لا أحد يتحدث عن المستقبل.

فالجميع مشغولون بالماضي حيث يكثر الكلام عن جمال المدن العربية (في الماضي) وعن الناس الطيبين والأخلاق والأسعار وحالة الطقس (في الماضي)، فتجذبنا نحو ذلك الأمس الغابر جاذبية قوية وكأننا نغادر معه عندما نميل إلى الانتقاص من ذواتنا الحاضرة بطريقة سرية عبر مديح الناس في الماضي فهم الأمناء والصادقون والشجعان وأصحاب البطولات.

نحن نغفل عن أن الحاضر البهيج الذي نعيشه كان مستقبل الماضي، فحاضرنا اليوم أفضل في المسكن والمطعم والمشرب والنظافة والتعليم والحريات والثياب والعلاج والانتقال والتواصل والعمل، ومن المأمول ان يكون المستقبل أفضل من الحاضر، فلماذا لا يشغلنا هذا المستقبل الواعد بدلا عن ماضينا الذي ولى وراح بقضه وقضيضه؟

www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.