وضعت الحكومة في برنامج عملها الاصبع على الجرح المتقيح, لذلك كان وجع شياطين العمل السياسي كبيرا لخوفهم من العلاج الشافي لأمراض فساد تسببوا بها طوال العقود الثلاثة الماضية وحولوها مصدرا لتكسبهم.
هؤلاء منعوا تطور الدولة, وأوقفوا المشاريع الكبرى وألغوا بارهابهم صفقات كان يمكن ان تدر على البلاد مليارات الدولارات, كصفقة “الداو” وحقول الشمال ومحطة الزور وغيرها كثير, وبدلا من ذلك تسببوا بخسارتنا المليارات.
رفعوا شعار الدفاع عن المال العام وكانوا أكثر الناهبين له, مرة عبر المناقصات ومرات عبر العلاج في الخارج, او في معاملات غير قانونية, وفي كل ذلك كان سلاحهم في الابتزاز الصوت العالي وهز عصا الاستجواب في وجه الوزراء.
لم يسعوا يوما الى بناء مؤسسات على أسس صحيحة, بل حولوا القائم منها مزارع لهم, زرعوا فيها المحاسيب والأزلام الذين بدلا من ان يعملوا للوطن عملوا لأنفسهم ولحساب هذا النائب او ذاك المتنفذ, حتى أوصلوا الدولة الى مأزق لم يعد من السهل التراجع فيه الا بعملية جراحية تستأصل المرض وتوقف انتشاره.
برنامج عمل الحكومة هو العملية الجراحية التي تزيل المرض من أساسه, واذا لم تمض فيه الى الآخر ستزيد من انتشار المرض, فالوقت لم يعد يتسع للرهانات او انتظار معجزة ما, وزمن المعجزات انتهى, وان تقاعست سيكون الشعب حسيبها, بل حسيب السلطتين والنظام ككل, هذه الحقيقة واجب إدراكها كي لا تلتبس الأمور على الحكومة, وتلجأ الى أساليب الصفقات خلف الكواليس لشراء الوقت.
ثلاثون عاما من الحرمنة والتعطيل… ثلاثون عاما من الرقابة الكيدية غير العلمية على المشاريع التي لم ينفذ أي منها لأن جبهة الاتهامات كانت تفتح نيرانها صباح مساء على الجميع, فلا مستشفى بنيت, ولا شُقت طريق ولا مدرسة شُيدت, بل تراجع مستوى الخدمات في كل المجالات الى درجة باتت فيها الكويت أشبه بدولة من القرن التاسع عشر.
هذا ما فعلوه طوال العقود الماضية من تصدرهم العمل السياسي, وحين حزمت الدولة أمرها وانطلق قطارها جن جنونهم, وارتكبوا كل الموبقات لعرقلة المسيرة, ودائما كانوا يفشلون لأنهم طلاب سلطة ومنافع شخصية, وحين عجزوا حركوا أصابعهم في مجلس الامة باستجواب كيدي ليس فيه من الدستورية شيء.
الدول قرار, والتردد لا يبني مؤسسات او يحمي بلادا, وفي الدول القريبة والبعيدة يتخذ القرار وينفذ, بيسر وسهولة, ولا تشتري الحكومات رضى هذا وذاك كما هي الحال عندنا, حيث يتاجر بعض السياسيين بالمشاريع ومصالح الناس طمعا بزيادة رصيد انتخابي او تكديس لمال حرام مسلوب من المال العام.
هذه سيرة طواغيت الفساد والتعطيل الذين وضعوا العصي في الدواليب لافساد كل شيء في الكويت, فهؤلاء لا يعيشون إلا على الفساد, وهو ما يجب ان تدركه الحكومة جيدا ولا ترتعد فرائصها عند أول تلويح باستجواب كتب في عتمة الابتزاز السياسي, أو تهديد بمساءلة معروف من حاكها, لذلك عليها ان تمضي في طريقها, متعاونة مع مجلس متعاون ومتفهم لدوره, و مخرجاته لم تقم على التحالفات الانتخابية المشبوهة, إنما كانت بفضل نظام الصوت الواحد الذي أعطى لكل الشرائح حقها في التعبير عن نفسها.
نعم, على السلطتين المضي في طريق تعاونهما لأن, كما أسلفنا, اذا تقاعستا او تخاذلتا او انشلغتا بتوافه الأمور سيحملهما الشعب المسؤولية, ويحاسب من تسبب بهدر الفرصة التاريخية وزيادة معاناته.
أحمد الجارالله
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق