عبداللطيف الدعيج: دولة الكويت الرفاهية

دولة الرفاه الكويتية اغلب سكانها لم يتعلموا الحساب. ولم تحفظهم مدارس حكومتهم حتى جدول الضرب. لان المدرسين والسياسيين والقياديين ايضا كانوا وما زالوا حتى الان معنيين بتحفيظ تلاميذهم وطلبتهم القرآن ومسابقات الاحاديث. علموهم وشرحوا لهم وما زالوا عذاب القبر، وحسن جمال حور العين بدلا من تبسيط مسائل القسمة والطرح.

لهذا، فان احدا من تلاميذ دولة الكويت او حتى دكاترتها – راجع تويتات الدكتورة اماني بورسلي – لم يستوعب احد منهم بعد الانذار الحكومي بقرب زوال دولة الرفاه. لانهم يفتقدون القدرة على الجمع والطرح لجأوا الى ما لقنهم اياه مدّعو الفهامية والمعرفة من «قادة النضال الوطني» من ان التسيب والهدر الحكومي هو السبب. وان وقف هذا التسيب او الحد من السرقات والنهب المزعوم كاف لاستمرار دولة الرفاه ولمواصلة سكانها العيش في تبات ونبات ولتخليف صبيان وبنات تتولى رعايتهم وتربيتهم دولة الكويت الرفاهية.

بما ان التربية الحكومية، وليس التعليم بالطبع، لم تعن بتعليمكم الحساب. طلعوا الالات الحاسبة او على الحاسوب روحوا للبداية ثم البرامج وافتحوا الحاسبة.. واحسبوها. واحد زائد واحد يساوي اثنين.. اثنين ناقص ثلاثة… تطلعون مطلوبين. هذا هو الحال بالضبط بين باب الرواتب والاجور وبين دخل النفط. المسألة ليست في التسيب او الادارة، او ان الرفلة او الحكومة لا تعرف تخبز.. المسألة او المشكلة ببساطة ان الماء زاد على الطحين.

دعوا عنكم السرقات وبقية بنود الميزانية.. فقط باب الرواتب والاجور كفيل بقصم ظهر الميزانية لو هبطت اسعار النفط %20. اسعار النفط كانت فوق الخمسين دولارا في بداية الثمانينات. هبطت الى تسعة دولارات سنة 1999 ومعظمكم يتذكر.. يعني خسر النفط %80 من سعره، لهذا فان احتمال خسارة %20 من سعره امر اكثر من وارد.

ليس هناك انتاج في كل البلد غير انتاج النفط. ولا مدخول غير مدخوله. لهذا فان المطلوب والضروري ان يحافظ سعر النفط على ارتفاعه حتى تتم المعادلة او التوازن بين الماء والطحين، او تستمر دولة الرفاه. اي انه ليس هناك داع ضروري حتى لان تهبط اسعار النفط حتى يختل العجين. بل ان ثبات اسعار النفط يشكل في حد ذاته كارثة للمستقبل الكويتي. ان لدينا زيادة سكانية ولدينا زيادة استهلاكية ولدينا تضخم ونفقات متزايدة ولدينا فوق كل هذا متطلبات واحتياجات عصرية تتطلب تغطية وتكلفة متزايدة. في المقابل ليس لدينا شيء غير افواه مفتوحة واياد ممدودة وبطون تبتلع كل شيء.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.