محمد رمضان: وزعوا الأموال على المواطنين لشراء الخدمات الخاصة!

بعدما نشرت القبس في 2013/11/2 قائمة أكثر الدول رفاهية بالعالم، وكانت النرويج على رأس تلك القائمة، وبمتوسط دخل فرد يعادل 57 ألف دولار سنويا، أو 1350 ديناراً شهريا لكل مواطن ومقيم في النرويج. ربما خطر ببال بعضنا فكرة متطرفة أو تساؤل، أو حتى خيال، بأن تكون الكويت مجرد شركة انتاج نفط توزع جميع أرباحها على جميع المواطنين بالتساوي، ليعيشوا في أكثر الدول رفاهية بالعالم ألا وهي النرويج وفق ما نشر. ففي الحساب الختامي لعام 2013/2012 كانت ايرادات الدولة من النفط تعادل 30 مليار دينار تقريبا، أي ما يقارب 105 مليارات دولار، وبعدد مواطنين يقارب 1.25 مليون نسمة، وبعد خصم %10 من الايرادات كتكاليف افتراضية لانتاج النفط، لكان نصيب كل مواطن وليس كل مواطن موظف مبلغ 76 ألف دولار سنويا، أو 1800 دينار شهريا لكل مواطن. وحتى لو زاد عدد المواطنين الى 1.6 مليون نسمة فسيظل دخلهم أعلى من متوسط دخل الفرد في النرويج بلد الرفاهية.

استدامة الرفاهية

ففي الدول المتقدمة تكون استدامة الرفاهية مرتبطة بارتفاع انتاجية الفرد وقدراته، فلا يكون هناك ضرر من زيادة أعداد المواطنين، ولكن في وضعنا الحالي بالكويت هذا صعب جدا حتى كفرض. لذلك سنتابع فرضية الشركة النفطية من دون افتراض أي زيادة في انتاجية المواطن. وبالتالي يرتبط استمرار الدخل العالي للمواطن باستمرار ايرادات النفط وزيادتها (100 مليار برميل احتياطيات نفط ثم تنفذ)، وبارتفاع العوائد على الاحتياطيات العامة واحتياطيات الأجيال القادمة، والمقدرة بـ 400 مليار دولار (ادارة حصيفة للأموال). فاذا لم ترتفع الايرادات السابقة لأي سبب كان، يمكن الحفاظ على الرفاه، بشرط عدم زيادة أعداد المواطنين لتقسم الايرادات السابقة على أقل عدد ممكن منهم.

وفي حال عدنا الى الواقع والى الحساب الختامي لسنة 2013/2012، لبيان كيفية توزيع الثروة بشكل تقريبي، سنجد أن المواطن حصل على ما يقارب 5 مليارات دينار (مجازا) بشكل مباشر من بند الرواتب، وحصلت الهيئة العامة للاستثمار على 12.7 مليار دينار كفوائض، ويبقى بعد ذلك ميلغ يقارب 14.5 مليار دينار قامت الحكومة بصرفه على الدعم والمستلزمات والمشاريع الرأسمالية وخلافه، وهو يمثل %45 من اجمالي ايرادات الدولة والبالغة 32 مليار دينار. وفي حال اعتبرنا أن هدف الحكومة هو تحقيق الرفاه للمواطنين كما هو متعارف عليه، فان الحكومة تتصرف بثلاثة أضعاف ما يتصرف فيه المواطن أو ما يقارب 40 ألف دولار سنويا لكل مواطن.

تخصيص الأموال

ونظراً لانخفاض جودة الخدمات بشكل عام، كالصحة والتعليم والاسكان وغيرها، وبالرغم من المبالغ الكبيرة التي تنفقها الحكومة لتقديم تلك الخدمات، فربما يكون من الأفضل تخصيص أكبر قدر ممكن من القطاعات الخدمية، وايعاز مهمة الرقابة والمتابعة لجهات عالمية متخصصة، ويكون ذلك مصحوبا بفصل تام بين الوظيفة وتوزيع الثروة، كما تم توضيحه بمقالات سابقة. ثم تقديم المبالغ المخصصة لذلك، كحصص مخصصة للمواطن لا يحصل عليها بشكل مباشر، بل يوجه انفاقها في سبيل التعليم والصحة والسكن والكهرباء والوقود وخلافه، ووفق حاجته الشخصية واختياره لمن يراه الأفضل من مقدمي تلك الخدمات من القطاع الخاص. فسيكون ذلك في الغالب أفضل من الاستمرار بالسياسات الحالية التي لم تحقق في السنوات السابقة سوى التردي في مستوى الخدمات، وساهمت في حرمان المواطن من الرفاهية التي يفرضها علينا واقع حال بند المصروفات في الميزانية.

محمد رمضان

rammohammad@
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.