“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” “الحجرات 6”.
يُذكر في قاموس “لسان العرب” أن النميمة هي: النَّمُّ: التوريشُ “التحريش” والإغْراءُ ورَفْع الحديثِ على وجه الإشاعةِ والإفْسادِ, وقيل: تَزْيينُ الكلام بالكذب, والفعلُ نَمَّ يَنِمُّ ويَنُمُّ, والأصل الضم, ونَمَّ به وعليه نَماً ونَميمةً ونميماً” “لسان العرب”. اسوأ ما في النميمة أنها, حتى لو كانت خبراً صحيحاً, أنها تحط من مكانة من يطلقها ومن ينصت إليها. فإضافة إلى دلالتها على سوء نية النمام فهي تدل أيضاً على انحدار قدره في نفسه وفي قلوب الناس. فالإنسان السوي يبتعد عن الوشاية المغرضة.
وبخاصة تلك التي تمس أعراض وسمعة الناس الآخرين. ولا أعتقد أنني أبالغ إذا أكدت صدق المثل الكويتي التقليدي “عدوك إللي بلغك” ويضاف إليه: “وستصبح أنت أيها المستمع للنميمة الضحية التالية”! وسيأتي يوم آخر ينم فيه النمام من استمع إلى نميمته سابقاً! فكما قيل في السابق, كما تدين تدان, أي من ينصت للنميمة والوشاية والاشاعة المغرضة سيمر عليه يوم سيصبح هو نفسه ضحية للنمامين والشامتين, والعياذ بالله.
إدمان النميمة يدل على ضعف شخصية مطلقها وهوانه على نفسه. فمن يحترم نفسه ويعتز بكرامته الانسانية يبتعد كل البعد عن وضع نفسه في مواقف مهينة لكرامته. فالنميمة سلوك وتصرف مهين لأنه يدل على جبن النمام وخوفه من مواجهة أندائه ومن يختلفون معه. فالإنسان السوي يملك من الشجاعة قدراً كافياً لمواجهة انداده وجهاً لوجه من دون أن يضطر إلى الاختباء خلف قناع النميمة والوشاية المغرضة. فالنميمة تدل على إدمان النمام للتحريش بين الناس ومحاولته التفريق بين الأهل والأصدقاء والزملاء والجيران, بل ثمة نوع معين من النمامين المتملقين من يظنون أن نميمتهم ستقربهم لمن يستمع إليهم وأنهم سيحصلون على ثقته وعونه! وبالطبع, يندر أن يثق الناس الاسوياء بالنمام لأنهم يعرفون أن نميمته فضحته أمامهم وحتى لو استمعوا إليه هذه المرة, فهم سيفقدون الثقة به طوال الوقت. ولذلك, يصبح النمام من الأخسرين أعمالاً “الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا” الكهف “104”. فالنمام يحسب أنه يحسن العمل عن طريق بث الاشاعات المغرضة والوشاية بهدف تشويه سمعة الآخرين, وهو لا يدرك أنه أتى أمراً مهيناً يترفع عنه الأفراد الأسوياء والمحترمين.
*كاتب كويتي
khalealjenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق