معاقبة الدكتورة كفاية ملك امر في غاية الخطورة ويجب الا يمر مرور الكرام. معاقبة اي موظف مستقيم وكفؤ ومخلص امر مقلق، فمن يعمل يجب الا يعاقب، إلا اذا أخطأ وبحجم الخطأ الذي يرتكبه أو يقع فيه، فما بالك بالطبيب المتفاني الساهر على خدمة المرضى منا ورعايتهم.
لكن وزيرنا لا يلام… فقد نشأ في مجتمع يعتدي افراده على الموظفين العموميين وعلى الاطباء مع الاسف بشكل ملحوظ ومتكرر. لذا فان «اعتداءه» على رئيسة قسم العناية المركزة في وزارة الصحة يعكس وجهة نظر واسلوب المتخلفين في مجتمعنا. وينسجم مع الاسف مع الحالة الاجتماعية البدائية التي تلف هذا المجتمع.
نشكر الاطباء الذين تضامنوا مع زميلتهم. وليعذرونا ان طالبناهم بالمزيد، والاكثر صلابة وشجاعة. فنحن مع الاسف فينا الكثير من العاجزين والاكثر من غير المبالين.
تفاعل السادة الاطباء مع قرار الفصل التعسفي وانتصارهم لزميلتهم حدث «يرد الروح» ويبشر بالخير. فمثل هذه القرارات أو الإجراءات التي تطال او تعيث فسادا بحقوق الناس وتنتقص من كرامتهم من المفروض ان تواجه بشجاعة وعلنية ورفض جدي.
لا نترجى شيئا من مجلس الامة، فهو مع الاسف، كما يبدو من وقائع الحدث، سبب المشكلة واساس البلاء. لهذا فاننا مرة ثانية، نشدد على صلابة العاملين في المجال الصحي، ونعتمد على شهامتهم ونبلهم واحترامهم لكرامة المهنة وسموها الإنساني، للتصدي لهذا الاعتداء غير الحضاري على احد العاملين المتخصصين ارتكبه، للاسف الشديد، وزير شاب منفتح. اذا كان عقاب طبيبة في خبرة الدكتورة المذكورة ومهامها، يتم بجرة قلم او بسبب تذمر احد اعضاء مجلس الامة، فما يا ترى سيكون نصيب الفرد العادي او العامل المنسي من مثل هذه السياسات والقرارات الظالمة؟!
خطورة قرار فصل السيدة رئيسة قسم العناية المركزة أو نقلها، هو انه عقاب تم في فترة بداية نضوب موارد الدولة وشح المغريات التي كانت تراضي بها موظفيها ومواطنيها وتتحكم عبرها بهم. وفي ظل عدم توافر المراكز والمناصب التي تقدم للاتباع والخانعين…
اليوم في ظل هذه الندرة فان السلطة كما بينا يوم امس، تلجأ الى العقاب بعد ان نضبت موارد، ليس الثواب، ولكن موارد الاغراء وفرص شراء الذمم. وهو قرار مع الاسف لا يمكن لنا النظر إليه، الا في ظل ظروفه التي تزامنت مع فصل وملاحقة العديد من المواطنين.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق