عبداللطيف الدعيج: لا تكسر مجاديفهم

الزميل علي البغلي كتب «متشرها» او مستغربا فزعة السادة الاطباء لزميلتهم المعتدى عليها الدكتورة كفاية، خصوصا ان حوادث مماثلة واضطهادا مشتركا تعرض له كثير من الاطباء قبلها. ربما يبدو الامر «مريبا»، واكثر تحريضا على الشك، وبالذات بعد ان دعم الزميل حوادثه بالاسماء والارقام. لكن ليس هذا ما يهم، وما من المفروض ان يثير الانتباه في قضية «حراك» السادة الاطباء. المهم انهم تحركوا والمهم انهم اعتبروا الاعتداء على الطبيبة اعتداء على بقية الاطباء وعلى كل العاملين وعلى كل المواطنين ايضا.

صار لنا سنين، وكلنا نتفرج على الممارسات الخاطئة، بل حتى الجرائم التي ترتكب في الجهاز الوظيفي للدولة. من خلال الواسطة والمحسوبية والترضية والرشوة السياسية والمالية والادارية. لكن الجميع صامت.. والادهى والامر ان الجميع مشارك.. ومع هذا هناك ابواق وميكروفونات وحناجر عالية وحتى مزعجة تندد بالفساد، وتسعى الى محاربة المخربين المزعومين.

ان الخراب والفساد الحقيقي هو من تحت، منا وفينا. قالوها، ربما منذ بدء الخليقة.. كيفما تكونوا يولَّ عليكم. كتبتها قبل عشرين سنة واعيد كتابتها اليوم. الوزراء والمديرون والحكومة لم يأت احد منهم من المريخ.. لو اتوا من هناك لربما افضل.. لكنهم نشؤوا هنا وترعرعوا بيننا.. وسط مستنقع الفساد وسراديب التعتيم والتجهيل وسلالم الوصولية ومنصات القفز العالي.

لذلك كما قلنا، ان يعتدي السيد وزير الصحة على كرامة مواطنة وحقها في الارتقاء والتقدم اللذين كفلتهما القوانين ودعمتهما، وفرضتهما كفاءتها واخلاصها في العمل، فان هذا الاعتداء هو محصلة ثقافة «كويتية» عامة مع الاسف. تربينا عليها وقبلنا بها واخترناها – كلنا- لنا هاديا ودليلا.

لهذا ربما يستغرب او يستنكر الزميل البغلي «حراك» الاطباء. فهذه ظاهرة غريبة، تثير الدهشة وربما الريبة بالفعل. لكنها تبقى حدثا يرد الروح، كما كتبنا امس. فنحن سبقنا الزميل بالاستغراب، لكننا رحبنا به باعتباره ظاهرة صحية. تتطلب المدح والدعم وليس التشكيك والاستغراب، بغض النظر عن حسن النية او الرغبة المعرفية بالامر. لهذا نناشد الزميل وغيره.. ادعموا الصالحين وشجعوا من يعنى بمعيشة ورفاهية وحقوق اخيه المواطن، فهذه بالفعل ظواهر جديدة على مجتمع الكويت «الفاسد».. فخلهم يالحبيب على السّنة… ولا تكسر مجاديفهم رجاء.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.