إبراهيم العوضي: تحدً جديد للصحافة

لعبت الصحافة الكويتية دورا بارزا ومهما في نقل الأحداث اليومية والأخبار المحلية والدولية وفي نشر التقارير والدراسات الإستراتيجية. ويعود تاريخ الصحافة الكويتية إلى عام 1928، عندما تم إطلاق أول مجلة شهرية بعنوان مجلة الكويت وقد قام بإصدارها حينها المرحوم عبدالعزيز الرشيد رائد الصحافة الكويتية وأحد أبرز مؤسسيها. ويعد الشيخ عبدالعزيز الرشيد الذي ولد في عام 1883 كذلك، أول كويتي يتحدث عن الكويت عبر كتاب مستقل صدر عام 1926 بعنوان تاريخ الكويت وقد تمت طباعته في بغداد وتحديدا في المطبعة العصرية.

وعلى الرغم من أن الصحافة الكويتية كانت بمثابة الانطلاقة الحقيقية لتاريخ الصحافة في دول الخليج العربي، إلا أنها بدأت متأخرة مقارنة بمثيلاتها العربية، حيث كانت أول الصحف التي شهدها الوطن العربي قد صدرت عام 1828 في مصر وحملت اسم الوقائع المصرية. إلا أن ما يميز الصحافة الكويتية حسب التقارير والدراسات الصادرة بهذا الخصوص، هو الدرجة العالية من حرية الرأي والتعبير التي تتمتع بها ولتطرقها لمسائل عديدة تمس الشأن والصالح العام وبكل حيادية، هذا بالاضافة إلى أن انطلاقة الصحافة في الكويت كانت قبل إنشاء المطابع بها، حيث كان الشيخ عبدالعزيز الرشيد يقوم بطباعة المجلة في مصر وكانت تصدر 10 مرات بالسنة.
كما شكلت مجلة البعثة الانطلاقة الفعلية للصحافة بمفهومها المعاصر، حيث اعتبرت مدرسة عملية لعدد من الأسماء الكبيرة التي ساهمت بدورها في إشهار عدد من الصحف والمجلات الكويتية. وكانت مجلة البعثة التي انطلقت عام 1946 عبارة عن مجلة ثقافية تصدر من خلال الطلبة الدارسين هناك وتعني بشؤون وتاريخ الكويت وثقافتها وتراثها واستمرت بالصدور لثماني سنوات قبل أن تحجب لانتفاء الحاجة من ورائها. كما شهدث حقبة ما قبل الاستقلال صدور مجلات ومطبوعات أخرى كمجلة الشعب وكاظمة والرائد والإيمان وغيرها بالإضافة إلى مجلة العربي وجريدة الكويت اليوم اللتين ما زالتا مستمرتين حتى يومنا هذا. وتعتبر جريدة الرأي العام هي أول جريدة تصدر بمفهومها الحديث، وكان العدد الأول قد صدر في 16 أبريل 1961 وتوالت بعدها إشهار الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية.
ولم يكن تاريخ الصحافة مفروشا بالورود، فمثلا تم تعطيل الصحف في الكويت في عام 1959 بسبب تجاوزها حدود الديموقراطية والحرية المتوافرة حينها وتعديها على ذات الأمير آنذاك الشيخ عبدالله السالم. كما استقال ثمانية أعضاء من مجلس عام 1965 بسبب إقرار ثلاثة قوانين كان يراها الأعضاء مجحفة، أحدها متعلق بقانون المطبوعات والذي كان أول ضحاياه جريدة الطليعة التي تم إيقافها بقرار وزاري لمدة عام كامل. إضافة إلى ذلك، فقد شهدت العديد من الصحف نتيجة للسلطة الرقابية المشددة التي فرضتها القوانين المنظمة، إلى حملة من الإغلاقات والتوقيفات عام 1976 وهذا بالإضافة إلى العديد من الأحداث الأخرى التي لا يسع المجال لذكرها.
تستمر الأيام والسنون، وتستمر معها التحديات. ولعل أبرز ما تعانيه الصحافة في يومنا هذا هو حالة المنافسة الشديدة التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الخدمات الإخبارية التي تنقل الأحداث المحلية والعالمية لحظة بلحظة بالصوت والصورة، حتى أضحت بديلا لدى البعض عن الصحف اليومية. هذا بالإضافة إلى إنخفاض معدلات القراءة لدى البعض وتدني مستوى الاهتمام بالأخبار لدى البعض الآخر نتيجة لانشغالهم بمسؤوليات الحياة اليومية. تحد جديد أمام الصحافة الكويتية، فهل تكون قادرة على مواجهة هذا التحدي، أم سيأتي اليوم الذي ستنتفي معه الحاجة لإصدار الصحف!

إبراهيم أديب العوضي
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.