عبداللطيف الدعيج: العمل مدنياً وليس سياسياً

منذ ان بدأت ما تسمى بحركة التحرر العربي، التي ورثنا معظم ايديولوجيتها وطروحاتها، ونحن «نناضل» اما ضد الاستعمار او ضد السلطات الغاشمة. هنا في الكويت، الاستعمار لم يكن ممثلا بالكامل او متسلطا بشكل مباشر. والسلطة تم حسم امرها عبر الاتفاق الاول بين الكويتيين عند بداية تأسيس الوطن، وتم بعد ذلك تأكيد هذا الحسم بعد الاستقلال في المجلس التأسيسي. ثم وضع هذا الحسم مرة ثانية موضع التنفيذ في مؤتمر جدة. هذا ناهيك عن ان السلطة هنا لم يتم اغتصابها ولا يبدو انها ستميل الى البطش او التنكيل رغم الحوادث المؤسفة في الاونة الاخيرة.

لهذا اعتقد ان «النضال» في الكويت بالذات يجب ان يتخذ منحى آخر غير نضال او نشاط بقية الاشقاء او الاصدقاء، الذين تأثر بهم من اهتم بالسياسة وبالسلطة هنا، اي انه من المفروض ان لدينا نظاما سياسيا مستقرا ومتفقا عليه، وبالتالي فان النضال «السياسي» يجب الا يكون الشغل الشاغل للجميع او الهدف الوحيد او الاهم بالنسبة لكل نشاط او عمل. هذا لا يعني على الاطلاق منح السلطة «كارت بلانش»، فنحن على علم ووعي بان النظام الديموقراطي مستهدف، وعلى ادراك بانه تم تحريفه او حتى تزييفه، وان تصحيح وتعديل ذلك ضرورة وطنية وأولوية سياسية.

لكن لا بد من الاشارة الى ان السياسة والعمل السياسي، او بالاحرى «السلطة»، اصبحت مع الاسف هي هدف ومحط انظار جميع العاملين بالشأن العام. ولدى الاغلبية ان الاستحواذ على السلطة هو مفتاح الحل والطريق الوحيد للتقدم والارتقاء. هذا صحيح الى حد ما، ان سلمنا بان هدف الحزب او الجماعة السياسية هو السلطة بحد ذاتها. اما اذا كان الهدف الحقيقي هو الارتقاء بالوطن وتحقيق رفاه الجميع فان المطلوب والضروري احداث تغيير اجتماعي، وعمل اجتماعي مدني يسعى الى تطوير الوعي الانساني وخلق توافق اجتماعي عام يستهدف رفاهية ومعاش الجميع.

لهذا فان المطلوب النظر الى القضايا والمعضلات الاجتماعية بشكل اكثر جدية، واكسابها الاولوية والاهتمام الكافي. فهذه، وليس ادوات ومؤسسات السلطة، ما يشكل الوعي السياسي ويحدد سلوك الناس.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.