نبيل الفضل: سابقة تصحيحية

ما حدث لاستجواب العدساني هو ما يجب ان يحدث تحت سقف الدستور. وجلسة الامس اثبتت ما ذهبنا اليه في عدة مقالات من ان النائب يملك حق تقديم استجواب لمن يشاء وقتما يشاء، وبعدها عليه ان ينتظر في زاوية القاعة ماذا يقرر المجلس.
فالدستور الذي وضع لضمان نظام ديموقراطي لا يمكن ان نتصور بانه جاء ليخلق دكتاتورية نيابية تحت شعار حق النائب بالاستجواب!. ومن يقسم على احترام الدستور من نواب او من يتشدق بالديموقراطية من مواطنين ليس امامهم سوى القبول بنتيجة التصويت الديموقراطي.
ونحن نشكر سمو الرئيس على رفضه الاجابة على ما رأى من شبهات دستورية فلجأ الى المجلس ليقرر ان تشطب المحاور غير الدستورية. وكان يمكن ان يصوت المجلس بعكس ما طلب سموه وكان عليه ان يقبل بقرار المجلس.
ولكن الاغلبية النيابية كانت ترى وتعلم وتشتم رائحة اللادستورية التي احاطت بذلك الاستجواب المتسرع.
مشكلتنا في الكويت اننا قد رضعنا ثقافة خاطئة اسست لها ممارسات نيابية مخالفة للدستور على مدى خمسين عاما حتى اصبحنا نرى القرار المخالف للدستور امرا عاديا، والمطالبة بالالتزام بالدستور سابقة غريبة.
لذلك رأينا بعض التصريحات النيابية على ان ما حدث كان «سابقة خطيرة غير مسبوقة طوال الحياة الديموقراطية الكويتية..»!
فهنا كان التركيز على السابقة دون النظر في مدى دستوريتها، ولم يفكر هذا البعض بان ما كان يحدث هو الذي كان منافيا للدستور.
خلاصة الامر فان القرار على مصير الاستجواب – اي استجواب كان – ليس بيد مقدمه وانما هو قرار المجلس وما يفرزه التصويت.
ولو حصل سمو الرئيس على 31 صوتا من مجموع الحضور الـ61 لكان لزاما على بقية النواب الرضوخ لنتيجة التصويت، ولكن طلب سمو الرئيس حاز 45 صوتا، فهل هناك من يجرؤ على اتهام هؤلاء النواب والتشكيك بنواياهم؟!
ولكن هذا لا يعني ان المجلس سيد قراراته كما توهم أو كذب البعض. فالمجلس سيد قراراته مادامت ضمن حدود الدستور واللائحة.. فقط.
ونحن نحترم من صوت ضد طلب سمو الرئيس بشطب ما هو غير دستوري، كما نتفهم امتناع البعض ممن وقف على الحياد فامتنع عن التصويت، فيما عدا النائبة صفاء التي لم تبرر تناقض امتناعها مع مواقفها المعروفة من سمو الرئيس واعلانها لوقوفها مع استجوابه.
ودعواها بأن امتناعها كان احتجاجا على لعب الحكومة دعوى كان يمكن ان تكون اقوى لو انها صوتت مع النفر الذين صوتوا ضد طلب سمو الرئيس. ولكن….
خلاصة الامر ما حدث يوم امس من سابقة كان ثورة ايجابية على ثقافة سيئة في فهم الدستور عمقتها الممارسة النيابية الخاطئة وشجعها سكوت من كان يعلم بالخلل في تلك الممارسة.
< في المجلسين المبطلين السابقين طالبنا بتشكيل لجنة قيم برلمانية ولكن الاقتراح رفض للاسف لاسباب واهية. ولكننا قبلنا بالقرار البرلماني بحكم قوة التصويت. ولكننا سنواصل المطالبة بلجنة قيم.
فلو كان لدينا لجنة قيم لالزمت رياض العدساني حدود المنطق، ولم تترك فرصة لاحد للعبث بوقت المجلس واولوياته. فتقديمه لاستجواب جديد في نفس اليوم يؤكد الشخصانية والعناد الذي يميز اداءه.
ولكن ما كنا نتمنى ان يحاسب عليه العدساني فعلا من لجنة القيم لو وجدت فهو قوله «.. هناك 20 الف عاطل والرقم في تزايد ونحن نقول دستوري وغير دستوري»!!
نعم يا رياض نقول دستوري وغير دستوري، فلولا الدستور لما وقفت تحت قبة عبدالله السالم.
وغير الدستوري لن يمر مهما «صارخت» وضربت الارض بقدمك.
ولن نقبل بتجاهل الدستور تأييداً لحل مشكلة ترى انت او غيرك انها مشكلة كبيرة، قد يراها الغير عكس ذلك.
< العم بو عبدالعزيز اطال الله في عمره واسعده في شبابه وصحته فاجأنا بتصريحين غريبين يوم امس.
الاول على صفحات الجرائد قال فيه «الحراك لم ينته.. نعم بيننا سماسرة ومندسون ومزروعون.. وحتى دجالون»!
ونحن هنا لا نشكك بكلام العم بو عبدالعزيز الا فيما يتعلق بنهاية الحراك الميت. ولكننا نستغرب من العم وهو يعلم بهؤلاء المندسين والمزورين والدجالين والسماسرة، فلا يعلن اسماءهم لشباب الحراك المحبط كي ينقذهم وينتقد الحراك من مؤامرات هؤلاء!!
ام انه تكرار لقصة السيارة الشفر البيضاء ام انه تقليد لرواية اليوكن الاسود؟!
وهل غفل العم بوعبدالعزيز عن ان هذا التعميم قد يشمل حبيبه مسلم؟! وقد يمتد ليشمل الوشيحي والديين؟! فلماذا لا يوضح من يقصد بالضبط ولا يترك مجالا للتخمين؟ ولماذا يواصل السعدون ارتباطه بالحراك اذا كان موبوءاً بدجالين ومزورين من مندسين ومزروعين؟!
التصريح الثاني للعم بوعبدالعزيز قال فيه تعليقا على حذف محاور استجواب سمو الرئيس «مهزلة وعلى رئيس الحكومة ان يرحل»!! ولا نعلم ماذا يقصد بالمهزلة. الاستجواب غير الدستوري أم دستورية شطبه بالتصويت الديموقراطي!!.
اما دعوته لسمو الرئيس بالرحيل فهي تدل على ان العم بوعبدالعزيز لم يستوعب ما حدث لمن طالب برحيل زعماء ورؤساء آخرين. ولم يدرك بعد ان مقولة «ارحل» هي ما دمر الحراك على رؤوس المتآمرين فيه.
انظر حولك يا عم وانظر لنفسك ولأي وضع انتهيتم بعد صراخكم بارحل؟!

أعزاءنا

احسن النائب القويعان عندما قال ان مناقشة دستورية المحاور في الاستجواب يجب ان تكون قبل صعود المنصة ولكن متى ما صعد الوزير المنصة فلا حق له بالاستشهاد بعدم دستورية المحاور.
وقد كان يجب على الشيخ محمد العبدالله ان يفند لا دستورية المحاور قبل الصعود، خاصة وانها مخالفات دستورية واضحة وضوح الشمس.
ولكن ماذا نقول بعدما حذرنا اكثر من مرة من خطورة تقديم المواءمة السياسية على الملاءمة الدستورية؟!
النتيجة طبعا كتاب بطرح الثقة.

نبيل الفضل

المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.