تعالوا نستعد الذاكرة في بعض الاحداث منذ نهاية انتخابات 2012 المبطلة.
بعد اعلان النتائج مباشرة تم التداعي لمجموعة محددة من النواب دون غيرهم لتشكيل كتلة أغلبية نيابية لا يجمع شتاتها فكر ولا برامج ولا توجه.
أول ما قامت به تلك الكتلة المفتعلة هو ابتزاز الحكومة لتعيين تسعة وزراء من اختيارها!. وهذا الطلب هو اختطاف لمجلس الوزراء بكل ما تعنيه كلمة اختطاف من معنى.
سمو رئيس الوزراء لم يصغ للتهديد والاغواء فشكل حكومته بعيدا عن هذه المطالبات اللامعقولة، وان كان وزيره المحلل محسوباً على تلك الكتلة.
ثم كانت هناك ثلاثة استجوابات قدمها نواب من الاقلية لم تكن تطمح للاطاحة بالوزير المستجوب بقدر ما كانت استجوابات للدفاع عن النفس أو الآخرين.
وفي كل استجواب من تلك الاستجوابات الثلاثة كان النائب المستجوب يعلن عن عدم سعيه إلى طرح الثقة بالوزير المعني.
ولكن نواب الاغلبية الذين وعد كبيرهم بالتهدئة، قاموا بتقديم استجوابين لوزيرين تشهد لهما الدنيا بالنزاهة ونظافة اليد. بل ان كلاً من الوزيرين تعرض لاستجوابين متزامنين من اطراف في كتلة الاغلبية!!! وتم اسقاط الوزيرين اللذين استقالا عندما اتضحت لهما صورة الاستبداد النيابي لدى الاغلبية دون منطق ودون عقل ودون انصاف ودون عدالة.
وهكذا خسرت الحكومة وزيرين من خيرة اعضائها. وذلك بعدما تعرضت لمحاولة لي ذراع من قبل نواب الاغلبية الذين حاولوا دمج استجوابي الوزير الشمالي في استجواب واحد. فكان ان انسحبت الحكومة بقرار حاسم من سمو الرئيس بعدما نصح الاغلبية بانه لن يقبل لي الذراع.
وهكذا فالحكومة كانت تواجه كتلة نيابية مستبدة ومبتزة وساعية لاختطاف مجلس الوزراء، اضافة الى عدم ترددها في محاولة لي ذراع الحكومة وارغامها على ما لا تريد، ونجاح نفس الكتلة في اسقاط وزيرين من خيرة وزراء الحكومة.
وهنا نرى ان التفاهم والالتقاء ما بين فكر وقيادة سمو الرئيس بعيدا جدا عن ممارسة ونهج نواب كتلة الاغلبية.
ولكن هذا الفرق بين كتلة الاغلبية والحكومة لم يتوقف عند هذه الفواصل الحادة، وانما مارس نواب الاغلبية ثقل الاغلبية في اقرار قوانين لم تستطع الحكومة ان توقفها بسبب حسبة التصويت على تلك القوانين. حيث كانت للاغلبية اليد الطولى في فرض قوانينها على الدولة!.
لذلك فلا غرابة ان ترد تلك القوانين بمراسيم اميرية لحماية الدولة ومصالحها من نزوات الاستبداد النيابي الذي كان يمارس فرد العضلات دون تفعيل العقل والحكمة، لذلك فان الفرق ما بين غايات نواب الاغلبية وغايات الحكومة فرق شاسع لن تردمه الملاطفة ولا الكلمات الدبلوماسية أو الدعاء بالهداية.
الحكومة امام خصم يريد فرض هيمنته على القرار السياسي قبل التشريع، ويريد توزيع الثروة قبل ان يفكر في الرقابة. لذلك فإن التظاهر بإمكانية التعاون بين رموز وأتباع الاغلبية تمثيل لا يصدقه سوى السذج والمخدوعين.
هذا على الصعيد الحكومي. اما على صعيد الحكم فقد اثبتت الاغلبية النيابية نيتها على تمزيق الدستور باسم تعديل مواده ونسفه باسم حمايته.
والدستور هو العهد والعقد الاجتماعي الذي توافق عليه الحاكم والمحكوم. فإن اخل طرف بتعهده فمن حق الطرف الآخر ان ينفض يده منه. والأغلبية اعلنت خطاباتها أنها تريد الاخلال بذلك العقد وعهده!.
فالأغلبية النيابية واضحة الفجور في نيتها للانقلاب على الحكم عبر المناداة بإمارة دستورية!!. وهو ما يخالف نصوصاً واضحة في الدستور.
هم قد اعلنوا حرباً وعصياناً لمنهجية الدستور في تعديل مواده. لأن مجرد المناداة بالاحزاب السياسية هو مخالفة صارخة للمذكرة التفسيرية.
الملخص المختصر هو ان اطراف الاغلبية تريد الانقلاب على الدستور وعلى الحكم الكويتي، وان استبدادهم غير مقتصر على مماحكة الحكومة ودوام التأزيم والتصعيد معها.
لذلك فإن السؤال البسيط جدا، والذي يتمنى الناس ان يسمعوا الحكومة أو الحكم يجيب عنه ليزيل الشك والضياع السياسي، السؤال هو من المستفيد من ممالأة الحكومة للأغلبية وفتح قنوات الاتصال معها وتأجيل المواجهة الحتمية بين الحكم وخصومه؟!
ولماذا لا تقوم الحكومة بإقرار حق التصويت بصوت واحد للناخب، وهو النظام القائم والسائد في ديموقراطيات العالم. خاصة وأن هذا القرار سيقصقص من أجنحة كتلة الأغلبية وتهميش التبّع الذين يوصلونه للمجلس بالأصوات الأربعة؟!
لماذا تتردد الحكومة في إقرار الصوت الواحد لاعطاء الآخرين من أقليات المجتمع الكويتي فرصة المشاركة والمساهمة في العمل السياسي؟!.
لماذا الخوف من ردة فعل الأغلبية إذا ما طورت الحكومة العملية الانتخابية واتجهت إلى العدالة والإنصاف؟!
ماذا سيفعل رؤوس الشر في الأغلبية أكثر مما فعلوا؟!
وإلى متى تتوهم الحكومة والنظام أن التهدئة مع الضباع سيوقفها عن الزحف والانقضاض على عنق الدولة؟!
وإلى متى يتوهم البعض أن بالإمكان تحويل «سماد» المعارضة إلى «ذهب» للتعاون؟!
أعزاءنا
البحرين استعانت بدرع الجزيرة لتحمي أمنها الداخلي.
الكويت لا تحتاج إلى درع الجزيرة، ولكنها قد تحتاج شرطياً سعودياً «بو خيطين» يقف وحيداً في ساحة الإرادة وبيده ورقة صغيرة مكتوب عليها «ممنوع الوقوف هنا»!.
نبيل الفضل
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق