إقبال الاحمد: هبوط اضطراري

ما زالت طائرة الكويت التي كانت تحلق عاليا في السماء سنوات عزها وزهوها، قابعة على ارض المطار بانتظار اجراءات الصيانة واعمال التصليح لتعيدها طائرة قادرة على الطيران والتحليق بقوة، تعاود انطلاقها واندفاعها مجددا في سمائها كما كانت ايام الستينات والسبعينات.

ما أقصده هنا ليس طائرة بمعنى الطائرة، وإنما الكويت كبلد يعاني اليوم خللا، أضعف اندفاعه وانطلاقه، وأوقف عجلة تنميته، وأثر في حماس شعبه ورؤيته لمستقبل مشرق لبلده.

الكويت التي كانت تحلق عاليا في سماء العلم والإنجاز في كل مجالات الحياة، متجاوزة دولا كثيرة أخرى، اضطرت منذ سنوات وسنوات إلى الهبوط الاضطراري، بسبب خلل أصابها، وها هي الى اليوم ما زالت قابعة على ارضية المطار بانتظار انتهاء صيانتها وإصلاحها وتزويدها بالوقود لمعاودة انطلاقها.

ولكن يبدو أن الهبوط الاضطراري طال أمده، مما أثار في ركاب الطائرة الملل والسأم، وهاهم يبحثون عن طائرات تنقلهم الى اماكن احلامهم، الرعب من ان يمضي الوقت ويتأخر الركاب في الوصول الى مصالحهم، الامر الذي سيجبر كثيرا منهم الى النزول منها، والمضي قدما في رحلاتهم عبر طائرات أخرى أكثر تقدما وسرعة.

لكن ركاب هذه الطائرة أبوا إلا أن يبقوا في أماكنهم لعل وعسى، ولكن إلى متى؟ الى متى سيطول انتظارهم ويستمر صبرهم، هل سيبقون في مكانهم الى ان يأكل الصدأ جسد طائرتهم، وتتهاوى أجزاؤها قطعة بعد أخرى.

ها قد بدأت مؤشرات التملل والضيق واضحة يوما بعد يوم، فالأصوات بدأت تتعالى من كل درجات الطائرة. ركاب الدرجة السياحية تعالت أصواتهم أولا، وبدأت الفوضى تنتشر بين صفوفهم، وها نحن نسمع اليوم تملل وشكوى ركاب درجة رجال الأعمال بشكل أكثر وضوحا، فيما بدأت علامات وأصوات التأفف والضجر تصدر من ركاب الدرجة الأولى.

والحل.. الى متى الانتظار؟ أين فرق الصيانة التي ظلت سنوات طويلة تلعب في أرض المطار جيئة وذهابا من دون إنجاز ملموس يوحي بجدية في الإصرار على أعمال الصيانة والترميم أو حتى إعادة البناء؟ أين القيادة المسؤولة عن متابعة أعمال هذه الفرق، تراقب وتتابع وتحاسب المقصّرين الذين أصبحوا أكثر من الهم على القلب، فالوقت يمضي وصبر الركاب كلهم قاطبة شارف على النفاد، تعرفون معنى شارف على النفاد؟

وبانتظار إعلان انتهاء أعمال الصيانة، او اعداد طائرة اخرى للإقلاع بها.

إقبال الأحمد

Iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.