عبداللطيف الدعيج: لو.. عشرات وعثرات

لو أن السلطة لم تتولّ رزّ المجاميع الدينية المتطرفة منذ 1976. لو أن الحكومة لم تعدل الدوائر الانتخابية لمصلحتها عام 1981. لو لم تقم مؤسسات الدولة بتسهيل حصولهم على الثروة وجمع المال السياسي كما يجمع الرز على قولة المصريين. لو لم تعطهم الحكومة خطاً أخضر على طول للعبث بالمناهج وتمرير طروحاتهم ورؤاهم المتخلفة. لو منعت على الأقل مسرحيات عذاب القبر في مدارس التربية، أو منعت الدعاة من تخريب وحشو عقول أطفال المدارس. لو.. ولو اكتفى رسميونا بافتتاحية عبدالله السالم، الله يرحمه، «أيها الإخوة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» بدلا من مقدمات خطبة الجمعة التي تتصدّر خطابات كل مسؤولي الدولة «بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الإخوة المواطنون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته». وطبعا لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تتخلل الخطبة الكثير من الآيات والاحاديث الدينية. لو ان حكومتنا وقفت موقفا محايدا من أحداث سوريا، ولم تتولّ دعم المجاميع الوهابية المتطرفة المرتدية رداء التحرر والوطنية. لو أن الذي أصدر قرار العبث في مقابر الشيعة تمت معاقبته كما يجب. فقرار مثل هذا من المفروض ان يتخذ على مستوى «سياسي» وليس من قبل من وجد نفسه مسؤولا بالواسطة.. يعني باختصار لو ان الدولة هنا بكل مؤسساتها لم تجير نفسها لخدمة المجاميع الدينية منذ حل مجلس الامة سنة 1976 لكانت الكويت بخير. أو على الأقل لم تضطر الحكومة الى انزال القوات الخاصة في الرميثية يوم أمس للتحكم في مواطنين أبرياء تجمّعوا لما يعتقدون أنه دفاع عن حقوقهم ووقف للاضطهاد المتواصل ضدهم.

لن تكون الحكومة.. حكومة كل الكويتيين، كما تدعي، ما لم تخلع جبتها الدينية وتزيل لحيتها الاصطناعية. لن تستطيع.. فهناك مواطنون غير متدينين، بل هناك مواطنون غير مسلمين ولدينا كمية محترمة -عددا وليس حقوقا- من الشيعة لا تعنى بالتسليم على اهل بيتهم خطابات مسؤولينا الرسمية. ليس في إمكان الحكومة أن تكون حكومة كل الكويتيين، وتمارس بحق وحدتها الوطنية المزعومة، ما لم تنه انحيازها الفاضح والواضح للتيار الديني المتخلف.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.