غاب عن الدنيا وترك وراءه ثروة تاريخية وانسانية وثقافية وتربوية وفنية وتراثية هي ملك للأجيال حتى يستفيد هذا الجيل والاجيال القادمة منها, مثلما نحن عشنا تجربة عملية في معاصرة هذا المعلم, واستفدنا من علمه وادبه وثقافته وانسانيته, غاب أيوب حسين الايوب الانسان والمعلم والاديب والفنان وبقيت ثقافته ومدرسته راسخة في ذاكرتنا, لانه صنع اهراماً عظيمة ستبقى شامخة في صفحات تاريخ هذا الوطن, عرفت ايوب حسين -رحمه الله- عن قرب في أروقة جمعية المعلمين الكويتية بعد تخرجنا ونحن في مقتبل العمر “سنة أولى معلمين”, باحتفال الجمعية آنذاك بالخريجين الجدد العام 1976 وكان الزملاء مؤيد القريني وحسن الصايغ ويوسف عبدالرحمن وعبدالواحد الداود وغيرهم اللجنة المشرفة على هذه الاحتفالية.
كانت تلك أول عهدي للانضمام لعضوية الجمعية والتعرف على روادها من جيل الكبار امثال العم عبدالحميد الخنفر وعبدالعزيز الفريح ويوسف العلي ومحمد السماك – رحمهم الله- وكذلك العم ابراهيم المقهوي وعبدالله الجاسم العبيد رئيس جمعية المعلمين آنذاك, والمرحوم الاديب والشاعر عبدالمحسن الرشيد والمرحوم عبدالباقي النوري والمرحوم خالد المضف واخرين, وتعلمنا من هذه الاهرامات العظيمة وفي مدرستهم الرائدة الكثير والكثير وصارت حالة من المواظبة على الحياة اليومية من بعد الظهر حتى ساعات متأخرة من الليل, وأصبحت حياتنا مرتبطة على الدوام بجمعية المعلمين نتعلم من هؤلاء الكبار مبادئ الادارة التربوية والنقابية والعمل الانساني. وكانت لقاءاتنا مع العم المرحوم ايوب حسين شبه يومية في الفترة المسائية في ديوانية الرعيل الاول بجمعية المعلمين التي كانت لنا مدرسة تربوية تعلمنا من خلالها العمل الفني والاداري بالاستماع لتجارب هؤلاء العمالقة.
وكان للجمعية نشاطات دائمة صيفية وشتوية, وتشرفت بالعمل ضمن فرق النشاط الاجتماعي والتربوي والثقافي والاعلامي حتى تمرست في فن الادارة النقابية وبتشجيع من العم المرحوم ايوب حسين -طيب الله ثراه- الذي شجعني للترشح لمجلس الادارة في الثمانينات وقد تم لي ذلك, وانضممت الى مجلس الادارة لدورة واحدة فقط وبقيت علاقتي مع استاذي وصديقي “أبوحسين” متأصلة عاماً بعد عام, وكان المرشد التربوي لكل خطواتي في العمل, مدرساً ثم وكيلاً وناظراً في المرحلة الثانوية, ومشجعاً لي لمواصلة دراستي الجامعية عندما كنت معلماً بالمرحلة الابتدائية, وكنت على اتصال دائم باستاذي وصديقي ايوب حسين الذي كان حريصاً على دعوتي دائماً لحضور معارضه الفنية الرائعة خصوصاً بعد تقاعده وحتى وهو على “الكرسي المتحرك” لم يترك انتاجه الفني الرائع الذي سيبقى شاهداً على تاريخ هذا الرجل الفذ في الثقافة والفن.
* * *
مدرسة “ايوب حسين الايوب” ستبقى أكاديمية
على وزارة التربية تخليد شخصية هذا الرجل لأنه مدرسة في حجم “اكاديمية” تربوية وفنية وثقافية وادبية وتراثية, لوحاته الفنية شاهد على التاريخ وكتاب تاريخ “حولي” القرية ثم المدينة التي اصبحت اكبر محافظة اليوم شهادة على البعد الفني والتاريخي والثقافي لهذا الرجل في تخليد التاريخ بفكره وريشته التي جسد بها العادات والتقاليد الشعبية كموروث تاريخي للانسانية في لوحات زيتية اشبه بعدسة الكاميرات اليوم, كما قدم برامج تلفزيونية واذاعية هي بمثابة ثروة لمكتبة التراث, نطالب المجلس الوطني بتوثيقها ضمن الارشيف التسجيلي لتاريخ الكويت, كما نطالب وزير التربية بالاسراع في تخليد اسم ايوب حسين على إحدى مدارس الكويت لأنه يستحق هذا التكريم والتخليد, رحم الله “أبوحسين” رحمة واسعة وادخله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.
* كاتب كويتي
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق