نص كلمة سمو أمير البلاد بافتتاح القمة العربية الافريقية

أعلن سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح رئيس القمة العربية الافريقية الثالثة عن تقديم الكويت قروضا ميسرة للدول الافريقية بمبلغ مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة الى جانب تخصيص جائزة سنوية بمبلغ مليون دولار باسم المرحوم الدكتور عبدالرحمن السميط تختص بالأبحاث التنموية في أفريقيا.
جاء ذلك في كلمة سمو أمير البلاد في افتتاح أعمال القمة العربية الافريقية التي تستضيفها دولة الكويت على مدى يومين.وفيما يلي نص كلمة سمو أمير البلاد

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الهادي الأمين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو فخامة الأخ نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام لدولة ليبيا رئيس القمة الأفريقية الثانية فخامة الصديق علي بونغو أودمبا رئيس جمهورية الغابون الرئيس المشارك للقمة العربية الأفريقية الثانية معالي الصديق هيلي مريام دسالين رئيس وزراء جمهورية أثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية رئيس قمة دول الاتحاد الأفريقي معالي نكوسازانا دلاميني زوما رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي معالي الأخ الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية أصحاب المعالي والسعادة .. ضيوفنا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أود بداية أن أرحب بكم بإسمي وبإسم الحكومة والشعب الكويتي في دولة الكويت أخوة كراما وضيوفا أعزاء شاكرا لكم تلبية دعوتنا لعقد الدورة الثالثة لمؤتمر القمة العربية الأفريقية معربا عن بالغ السرور بإستضافة دولة الكويت لهذه القمة.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو تنعقد أعمال قمتنا العربية الأفريقية الثالثة في ظل استمرار ظروف سياسية دقيقة واقتصادية غير مستقرة تستوجب مواصلة العمل وتكثيف الجهود لمواجهتها وتجنيب دولنا واقتصادياتنا تبعاتها.

ان إنعقاد قمتنا اليوم في موعدها المحدد وحرصكم على حضورها في هذا المستوى المرموق يؤكد عزمنا على الارتقاء بتعاوننا المشترك للتصدي للتحديات التي نواجهها جميعا وتجاوز العقبات التي تحول دون وصولنا إلى ما نتطلع إليه من آمال مشروع في التنمية والبناء.

كما ان اختيارنا شعار (شركاء في التنمية والاستثمار) لهذه القمة يعكس إدراكنا لأهمية التعاون الاقتصادي الذي يشكل قاعدة للمصالح المشتركة ننطلق من خلالها لتحقيق الشراكة الاستراتيجية التي ننشدها كما أن هذا الشعار يؤكد أيضا حرصنا على أن يحتل الجانب الاقتصادي والتنموي الجزء الأكبر من جدول أعمالنا بما يعكس تفهما عميقا لمتطلبات المرحلة المقبلة واستشعارا بآلية العمل المناسبة له.

إننا مطالبون بأن نرسم جميعا خطوط عملنا المستقبلي القائم على مفهوم الشراكة الحقيقية فلم يعد مقبولا ولا يجسد الشراكة المنشودة أن تقدم دولنا الدعم من جانب واحد ولا يكون هناك تفاعل وعطاء من الجانب الآخر فلا بد من التكامل لنجسد الشراكة الحقة.
إننا ندرك جميعا أن قضايانا السياسية في عالمينا العربي والأفريقي عديدة ومتشعبة وأن الدخول في بحثها ومحاولة الوصول الى قرارات بشأنها في هذا المؤتمر أمر سيخل بقدرتنا على التركيز في قضايانا الاقتصادية وعملنا المشترك لمعالجة هذه القضايا كما أننا ندرك أن محافل عديدة متاحة يمكن لنا من خلالها البحث والتصدي والمعالجة لهذه القضايا السياسية.

إن التنمية المستدامة التي ننشدها هي استغلال ما حبانا الله به من نعم وثروات استغلالا مثاليا لا تبذير فيه نتكاتف من خلاله لاستثمار مواردنا في مشاريع تعزز التكامل بيننا فقد حبانا الله سبحانه وتعالى بأراض صالحة للزراعة وأيد عاملة ماهرة وموارد أولية وأموال يمكن استثمارها تحقيقا للأمن الغذائي الذي أصبح ضرورة ملحة في ظل أوضاع عالمية غير مستقرة واقتصاد مضطرب ما زال يعاني تداعيات أزمة اقتصادية عالمية عصفت بكل اقتصاديات العالم ولم تستثن أحدا وباتت العديد من الدول تعاني تراجع معدلات النمو والازدهار لديها.

إن عناصر توفير الامن الغذائي متاحة في محيط فضائنا الجغرافي وينبغي لنا استغلالها على أمثل وجه لنحقق ذلك الأمن الذي ننشد ولعل ما توصل إليه الوزراء المعنيون بالزراعة خلال إجتماعهم في العاصمة العزيزة (الرياض) مؤخرا يشكل خطوات جديرة بالأخذ بها وتفعيلها لتحقيق هذا الهدف الذي سيحقق لأوطاننا الفائدة والاستقرار ولشعوبنا الطمأنينة وفرص العمل ولرؤوس أموالنا الأمان والعائد المجزي.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو إنطلقت فعاليات أعمال قمتنا هذه قبل حوالي الشهر بأنشطة متنوعة ثقافية واقتصادية امتزجت فيها صنوف الإبداع وتناغمت فيها الأفكار والخبرات لتعكس تقاربا ثقافيا وفكريا يشكل قاعدة صلبة وأرض خصبة لانطلاق تعاوننا المشترك إلى الآفاق التي نتطلع إليها.

لقد شغل الاقتصاد جانبا كبيرا من تلك الفعاليات عبر تنظيم المنتدى الاقتصادي العربي الأفريقي شارك فيه نخبة من المختصين في القطاعين العام والخاص تفاعلت افكارهم في رؤى ومقترحات لتحقيق التنمية المستدامة وتنشيط الاستثمار بين دولنا وتلمس المعوقات التي تقف حائلا في طريقنا ووضع الحلول المناسبة لها.

ان نتاج ذلك العطاء الذهني من المختصين يمكن الاستفادة من نتائجه في رسم الاستراتيجية الاقتصادية المنشودة لنتجاوز ما فاتنا من سنوات طويلة ونلحق بركب التكامل ونحقق الهدف الذي نتطلع إليه وصولا إلى الشراكة الاستراتيجية التي سنحققها بالعمل لا التكاسل والتكامل لا الانقسام والوئام لا الخصام.

– أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
لقد أدركت بلادي الكويت الأهمية الإستراتيجية للمجموعة العربية والأفريقية فسعت منذ زمن بعيد إلى تعزيز الشراكة فيما بينهما فنشرت بعثاتها الدبلوماسية في أرجاء القارة الأفريقية ونشط الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية في مشاريع تعزز التنمية في دول القارة الأفريقية.

ويسرني في هذا الصدد أن أبلغكم بأني قد وجهت المسؤولين في الصندوق بتقديم قروض ميسرة للدول الأفريقية بمبلغ مليار دولار على مدى السنوات الخمس القادمة ناهيك عن الاستثمارات لعدد من الشركات الكويتية في مختلف القطاعات والتي يمثل القطاع الخاص الذي نتطلع إلى دوره الريادي للمساعدة على تحقيق الشراكة الإستراتيجية كل ذلك يأتي دلالة على قناعة راسخة بأبعاد هذه الشراكة ولا يفوتنا هنا أيضا أن نشير بكل التقدير للعمل الخيري الذي قامت وتقوم به المؤسسات الخيرية الكويتية التي امتد نشاطها ليشمل العديد من دول أفريقيا وأعلن في هذا الصدد عن عزم دولة الكويت تخصيص جائزة مالية سنوية بمبلغ مليون دولار بإسم المرحوم الدكتور عبدالرحمن السميط على أن تختص في الأبحاث التنموية في افريقيا وتشرف عليها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
إننا ندرك أهمية السعي وبكل جهد ممكن للعمل على أن تكون القارة الأفريقية مكونا رئيسيا ضمن منظومة اقتصاديات الدول الواعدة في العالم وندرك أيضا أن ذلك لن يتحقق إلا من خلال البيئة الاستثمارية الصالحة والتي تساعد على تدفق الاستثمارات الأجنبية للدول الأفريقية.

ولتحقيق ذلك فقد شرعت دولة الكويت في الاستثمار بالقارة الأفريقية منذ سنوات عدة وها هي اليوم تضيف إلى ذلك عزمها على العمل وبالتعاون والتنسيق مع البنك الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى باستثمار وضمان استثمار مبلغ مليار دولار خلال السنوات القادمة في الدول الأفريقية مع التركيز على مجالات البنية التحتية لما في ذلك من قيمة مضافة لاقتصاديات تلك الدول إيمانا منا بأهمية الشراكة والاستثمار في هذه القارة وما تمثله من فرص مجزية وواعدة.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.
لقد جسدت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة القناعة بأهمية الإقتصاد في العلاقات الدولية فإنضمت إلى ركب الدول الساعية إلى تنظيم معرض إكسبو الدولي 2020 ونظرا لما تتمتع به الشقيقة الإمارات من قدرات كبيرة وخبرة عريقة في مجال الإقتصاد والإستثمار فإننا ندعم ترشيحها لإستضافة هذا الحدث الهام.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ..
إن أمرا ملحا ومؤلما لابد لنا من التطرق إليه في هذا المحفل وهو الأوضاع المأساوية في سوريا حيث لا زالت آلة الفتك في سوريا تودي بحياة أبناء الشعب السوري ويزداد أعداد القتلى يوميا وتتضاعف مظاهر الدمار لكافة أوجه الحياة هناك إن الاحصائيات المروعة والتقارير المخيفة التي نتلقاها من الوكالات المتخصصة والتي تؤكد أن تلك الكارثة قد حصدت ما يزيد عن مائة ألف قتيل من الأشقاء في سوريا وملايين اللاجئين والنازحين في الداخل والخارج مما يشكل عبئا كبيرا على الدول التي يفد إليها اللاجئون والوكالات التي تعني بشؤون النازحين كل ذلك يضعنا أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية.

لقد استجابت بلادي الكويت لنداء الأمين العام للأمم المتحدة لعقد المؤتمر الثاني للمانحين في بداية العام المقبل وذلك بعد النجاح الباهر الذي حققه الاجتماع الأول للمانحين والذي استضافته دولة الكويت في شهر يناير 2013 واستطاع الحصول على تعهدات بمبلغ مليار وستمائة ألف دولار.

إن مجلس الأمن وهي الجهة المناط فيها حفظ الأمن والسلم الدوليين مطالب بأن يتحد في ظل هذه الظروف وأن يضطلع بمسؤولياته وأن يتفق على خطة لوقف الأقتتال لحقن دماء الأشقاء والحفاظ على ما تبقى من وطنهم لاسيما وأن الحديث عن إنعقاد مؤتمر جنيف 2 يسود كافة المحافل الدولية والذي يعد فرصة تاريخية ندعو من هذا المنبر كافة الأطراف المشاركة فيه إلى العمل الصادق والمخلص للوصول إلى حل سياسي واضعين نصب أعينهم الكارثة الإنسانية للشعب السوري ودمار بلادهم ناهيك عن التداعيات الخطيرة لتلك الأحداث على الأمن والسلم في المنطقة والعالم كافة.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو …
ندرك أن تحقيق التنمية في دولنا يتطلب وضع برامج وأهداف محددة وأن الوصول إلى التكامل بين دولنا لن يتحقق دون استقرار في منطقتنا لنتفرغ في إعداد خطط التكامل ومتابعة تنفيذها دون عوائق إن الاستقرار الذي ننشده في المنطقة لن يتحقق في ظل استمرار تعنت وصلف إسرائيل وعدم تنفيذها لقرارات الشرعية الدولية وإصرارها على التوسع في بناء المستوطنات.

إننا نطالب المجتمع الدولي ولاسيما مجلس الأمن واللجنة الرباعية الدولية بالضغط على إسرائيل لحملها على تطبيق قرارات الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة وفق القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية.

وفي الختام لا يسعني إلا أن أبتهل إلى الله سبحانه وتعالى بأن يوفقنا لما فيه الخير والعزة والمنعة لأوطاننا وتحقيق تطلعات شعوبنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.