“التيفوئيد”.. فاتك جديد بالشعب السوري

وكأن السوريين لا ينقصهم سوى وباء جديد يفتك بهم ويسجل اسمه في سجل جلاديهم، الوافد الجديد للسجل، هو مرض التيفوئيد الذي يجتاح مخيمات اللاجئين بريف اللاذقية، الجزيرة نت زارت أحد هذه المخيمات لتقف على حجم معاناة الناس مع هذا المرض.

تقول المرأة المسنة أم مسعود بحرقة ‘سنموت جميعا، هذه الحمى عششت في بيتنا، سكنت أجسادنا، لم يعد العلاج ينفع معها’ وتضيف أنها يائسة من شفائها وأسرتها، فقد أصيبت مع زوجها وابنتها المتخلفة عقليا بالتيفوئيد، وراحت صحتهم تتدهور يوما بعد يوم.

وتفشت بشكل كبير الأمراض والأوبئة في ريف اللاذقية، الخاضع لسيطرة قوات المعارضة، وباتت تهدد حياة المدنيين، فبعد انتشار التهاب الكبد الفيروسي الوبائي، ظهرت أوبئة أخرى كالتيفوئيد، والحمى المالطية بدرجة أقل، وأمراض الجلد مجهولة السبب، إضافة لحشرة القمل والجرب، على نطاق واسع.

وتفيد إحصاءات أحد المشافي الميدانية في المنطقة، بتسجيل 762 إصابة، بأمراض وبائية مختلفة، خلال الشهر الماضي.

المصابون يتضاعفون
وقد أطلق الطبيب أبو ابراهيم، صرخة عبر الجزيرة نت، نداء استغاثة على خلفية انتشار المرض قائلا ‘بات الأمر مقلقا، لم تعد الأدوية المتوفرة لدينا، تكفي لعلاج كل الإصابات، نحتاج استنفارا طبيا، وتعاونا من الجميع، لإيقاف انتشار الأوبئة’.

ويعد التيفوئيد المرض الأكثر انتشارا، حيث يتضاعف عدد المصابين به أسبوعيا تقريبا، حيث سجل أحد المشافي الميدانية إصابة مائة وعشرة أشخاص، بعدما كان سجله الطبي يشير الأسبوع الماضي، إلى 58.

ويشرح الدكتور أبو إبراهيم أعراض المرض التي تتمثل بالوهن العام، وارتفاع بدرجة الحرارة وإسهالات، وآلام في المفاصل، وأضاف أن هذا المرض يترك عواقب خطيرة، تهدد حياة المصاب إن لم يتم علاجه، حيث يتسبب بانثقاب الأمعاء، والتهاب المرارة.

وتكمن خطورته الكبرى، بأن معالجته لا تنجح إلا بعزل المريض، وامتناع المحيطين به عن استخدام مستلزماته الشخصية، ويبدو هذا مستحيل التطبيق، خصوصا في المخيمات المكتظة باللاجئين، حيث يسكن كل أفراد الأسرة في خيمة واحدة.

تلوث المياه
وتشكل المخيمات، والتجمعات السكانية المزدحمة، ملجأ خصبا للمرض، وتزيد من احتمالات انتشاره أفقيا بين السكان، الأمر الذي يهدد بكارثة صحية تحل بهم.

‘يعود سبب انتشار التيفوئيد، وأمراض كثيرة أخرى، إلى تلوث المياه، واختلاطها بالصرف الصحي، حيث يشرب السكان مياه الينابيع السطحية، والأمطار والسواقي’، وفق ما أفاد للجزيرة نت الدكتور أبو طارق، المكلف بمتابعة الأوبئة في ريف الساحل.

ويحتاج المصاب بالمرض إلى العلاج، لمدة تتراوح بين 15 و21 يوما كحد أدنى، ولا يتمكن أكثر المصابين من الحصول على الدواء بكميات كافية بسبب عدم توفره في المشافي والصيدليات، حيث انتشر المرض وتحول إلى وباء بسرعة قياسية.

وتحاول المنظمات والمؤسسات المعنية، علاج أسباب الوباء، كتطوير البنى التحتية الصحية في القرى والمخيمات، لا سيما تمديدات الصرف الصحي، وتوفير المياه الصالحة للشرب.

كما تبذل جهودا لتأمين المستلزمات العلاجية للمرضى، إذ وزعت كمية من الدواء، إلا أنها لم تكن كافية، ويحتاج إيقاف انتشار الوباء إلى أضعاف هذه الكمية، ومستلزمات كثيرة أخرى.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.