هديل الحويل: الطاقة

ازداد اهتمام الشباب في المجتمع الكويتي بعلوم الطاقة وممارساتها, فنجد الكثيرين من الأولاد والبنات يصرفون من وقتهم وأموالهم في قاعات تنظم دورات متخصصة في تطبيقات علوم الطاقة, التي كثرت نتيجة للطلب والاهتمام الشبابي المتزايد.
تطبيقات علوم الطاقة المتخصص كل منها في جسد أو روح أو حياة , أو المتشعب منها في تفصيلة من تفصيلات النفس البشرية أو المتفرق منها في شعاب الجسم البشري, تنهل من ثقافات شرق آسيوية غنية وقديمة قدم التاريخ وغناه, الأمر الذي قد يترك في نفوس الكثيرين في مجتمعنا غضاضة من انخراط الشباب فيه, كعلم قائم في أوله على ثقافة الإيمان المطلق بحتمية الغوص في مفهوم الوجود, و كعلم قائم في آخره على تطبيقات تستخدم للاستشفاء الذاتي من بعض الأمراض الجسدية المستعصية.
الكثيرون في المقابل يمارسون من علم الطاقة ما يظنون أنه يمكنهم من التخلص ولو قليلا من ضغوطات الحياة اليومية فيجعلهم أقدر على التفاعل المرن مع مشكلات الحياة المتجددة بشكل عام, فيظنون أن علمهم بشؤون الطاقة وممارستهم وتطبيقهم لها, يمكنهم من التعاطي بشكل أفضل مع محيطهم الكوني والبيئي, ابتداء بأجسادهم, ومرورا بروحهم, وانتهاء بأجساد وأرواح من أحاط بهم من بشر وخلق.
وكما فعل المسلمون القدماء مع الفلسفة, يفعل مسلمو اليوم مع علم الطاقة, حيث عمدوا إلى أسلمة العلم, أو أخذ ما من شأنه أن يتماشى مع عقيدتهم, ومحاولة إصلاح ما لا يتماشى مع عقيدتهم, أو في بعض الأحيان ترك واسقاط ما لا يمكن له أن يتماشى مع عقيدتهم.
وفي رأيي محط خطورة الاهتمام الحديث نسبيا في الدول العربية والإسلامية بعلم الطاقة هو حقيقة أن العلم بذروته يتنافر مع مفهوم وحدانية الخالق, وذلك لأن الطاقة تعتبر هي الشيء المتجدد بذاته والمجدد لغيره بطبيعته, وهي المتحكم الرئيسي بالفعل البشري السلبي منه والإيجابي, وذلك من خلال سيطرة الإنسان على الطاقة التي يستحوذ عليها فتستحوذ عليه, فكانت الطاقة هي المصدر لكل الحياة والمحرك لكل الأشياء, حتى لأن الجماد والمكان في علم الطاقة يمتلك قدرا هائلا من القدرة على التحكم بأمزجة الناس وانفعالاتها الناتجة عن تلك الأمزجة, وهو العلم الذي يعرف باسم “فونغ شوي”.
علم الطاقة أو غيره من العلوم لا يمكن له أن يضر صاحبه إذا ما تقرب منه بهدف المعرفة, أيا كان انتماؤه الفكري والعقائدي, لكنه كغيره من العلوم ممكن أن يضر إذا ما أسيء فهمه أو تطبيقه, أو إذا ما استبدل به الإنسان عقله فغدا منصاعاً لكل ما فيه وكارهاً لكل ما يخالفه من قول أو فعل.
علم الطاقة من شأنه أن يصنع أناسا أكثر اهتماما بالجمال والعاطفة والإحساس بالآخر, ومن شأنه أن يعزز الايجابية بالتعاطي مع الحياة, لكنه أيضا من شأنه أن يصنع ناسا مغالين بروحانيتهم, ومتناسين لحق الإرادة البشرية على الجسد والروح, التي ما خلقت إلا لتطويع النفس وأمرها بالعمل وحثها على الفعل وإن ثقل, لأن ذلك وحده هو ما يفرق الإنسان عن غيره من الخلق.

h-alhuwail@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.