أعتقد أن المعارضة الوطنية من المفترض أن تصبح “رشيدة” و تنشر المعاني الحقيقية للحرية في المجتمع. فليس من المنطق أن يرتكز نشاط المعارضة على إشاعة الفوضى في المجتمع عن طريق حض البعض على كسر القانون وتجاوز ما لا يجب تجاوزه من أعراف وتقاليد وطنية راسخة. والحلم بوجود معارضة رشيدة يساوي الحلم بتكرس التفكير العقلاني والعملي والنقد السياسي البناء. فالمعارضة الجادة والرشيدة والبناءة من المفترض أن تكرس المساواة في صفوفها وفي المجتمع بعامة: وتحض المواطنين على تحقيق المواطنة الصالحة في مجتمعهم وليس العكس. فالمعارض الرشيد من المفترض أن يصبح مواطناً صالحاً يتقيد بالنظم والقوانين المحلية ويتحاشى الاشتراك بالمحاباة والمحسوبية وأن يكرس السلوكيات المدنية والمنظمة في مجتمعه. ولكن من يدعو للتهييج والتأزيم المصطنع لا يتبع نقداً سياسياً حميداً بل يرغب في التعيش على فتات ما تولده الأزمات المفبركة. المعارضة الرشيدة هي من تنتقد أولاً برنامج عملها- هذا بالطبع إذا كان لديها برنامج عمل واضح- وهي المعارضة العقلانية التي تعترف للحكومة بإنجازاتها المختلفة ولكنها تكشف الخلل في العمل الحكومي وتقترح حلولاً عملية للقضايا المحلية. ولكن البعض يغريهم صخب الميكروفونات وفلاشات الكاميرات ويشعرون بالسعادة المتناهية وقت ما يجدون أنفسهم تحت دائرة الضوء. ولكن شتان بين معارضة إيجابية ورشيدة وعقلانية وبين معارضة تبحث عن التباهي والاثارة الاعلامية.
أؤمن شخصياً أن المعارضة الوطنية من المفترض أن تكون رشيدة وعقلانية تساعد الحكومة على أن تكون رشيدة . فالعمل السياسي الوطني وخصوصا في مجتمعنا الكويتي المتماسك من المفترض أن يساهم بشكل إيجابي في تكريس الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلد. فلن يستفيد أحد إذا برزت الفتنة برأسها القبيح والعياذ بالله وذلك بسبب تهور أحدهم أو بسبب تأثره بالتهييج المصطنع لبعض أفراد أكثر ما يهمهم أن يقفوا أطول وقت تحت دائرة الضوء.
أغلبية أعضاء المجتمع يعرفون جيداً الفرق بين حرية فوضوية تهدف لخلخلة الثوابت الوطنية المتفق عليها من قبل غالبية المواطنين, وبين حرية إيجابية ورشيدة وبناءة تكرس الحس الوطني وتشجع الفرد العادي على الالتزام بمسؤولياته الوطنية والاجتماعية. فمن المفترض أن تنشر (المعارضة) المعاني الحقيقية للحرية وأن تهدف لتكريس المساواة والمواطنة الصالحة والإخلاص في العمل ومكافحة الفساد, وتكشف تعارض المصالح وتكافح المحاباة القبلية والطبقية والطائفية. فلعل وعسى وربما ولو بعد حين.
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر حريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق