صالح الشايجي: انقد لا تحقد

الحوادث تجلي حقائق الأمور وتكشف ما انطوى في النفوس، من خبث وضغينة، أو طيب ومحبة.
وحوادث الأمطار التي هطلت على البلاد الأيام الفائتة، أجلت كثيرا مما في نفوس البعض وكشفت مكنوناتها.

فلقد بدت نفوس البعض مشحونة ومتوترة ومهتاجة بغير ما حق يشفع لها فيما ذهبت إليه وسارت عليه من نقمة غير محمودة ولا محدودة على الحكومة ورجمها بقاذفات القول الرجيم، فلم تبق منها ولم تذر وعصفت بها عصفا عصفا.

الحكومة ـ في كل الأحوال ليست بريئة ولا مسكينة ـ ولكن للنقد أو اللوم منهاجا وقدرا محددين حتى يكون موضوعيا وبنّاءً لا هدّاماً، ولا يكشف عن نفس مبغضة كارهة.

إن الدول كلها تخطط لبنيتها التحتية ولخدماتها بناء على طبيعتها وأجوائها وظروفها المناخية المعروفة، ولا تبني على الاستثناءات والنوادر والمفاجآت التي قد تحدث وقد لا تحدث، وفي هذه الحالة يكون البناء عليها والإنفاق بناء على حدوثها أمرا غير محمود ولا رشيد، بل هو سفه في عين السفه.

وما حدث خلال الأمطار الأخيرة أو بسببها، كان من تلك الاستثناءات، حيث جاءت كمياتها مغايرة لطبيعة المناخ في الكويت من حيث كميات الأمطار المعتادة أو المتوقع حدوثها، وبالتالي فإن عدم استيعاب فتحات تصريف المياه في الشوارع والطرقات وسيلانها وتسببها في بعض الأحداث، أمر ليس بمستغرب أو مستنكر، أو أنه دليل تقصير من أي جهة.

فللطبيعة لغتها وفعلها وهي لا تُسرّ بإذن أحد عمّا تنوي فعله أو عما تحمل على كواهلها الكثر من مياه أو غبار أو غيرهما.

اليابانيون لم يلوموا حكومتهم على التقصير في مواجهة الزلازل التي تضرب بلادهم وتوقع الآلاف من الضحايا، وكذلك الأميركيون، وبعض ولاياتهم عرضة لأعاصير مدمرة معروفة الزمان والمكان، تحل فتوقع الكوارث بالبشر والحجر، ولكن لم يحتج أميركي واحد على سوء في خدمات حكومته أدى إلى وقوع ضحايا وأضرار.

وأختم بالقول إن هذا لا يعفي الحكومة من دمغها بالتقصير في نواح معينة، ولكن كثرة الهجوم غير الرشيد وقذفها بما تستحق وما لا تستحق استدعى الدفاع لا عنها ولكن عن الحقيقة ومن أجل زرع فهم جديد لنقد المواطن لحكومته.

katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.