احتفل تلفزيون الكويت في الايام الماضية بالذكرى الخمسينية على تأسيسه.. وهذه سنة حسنة ان تستذكر مؤسسات الدولة سنوات التأسيس وجهود المؤسسين الرواد وخاصة لمؤسسة تلفزيون الكويت الذي يعد من اولى محطات التلفزة العربية حيث يأتي ترتيبه الخامس على ما اظن بعد تلفزيون بغداد (قصر الزهور) وتلفزيون لبنان المشرق وتلفزيوني في مصر وسورية.
ولعلي اظن أن عراقة تلفزيون الكويت لا تعود لكونه من اوائل المحطات التلفزيونية. ولكن يستمد عراقته من كونه اكثر المحطات العربية نشاطا وغزارة في الانتاج ولاسيما على المستويين الفني والثقافي. وكذلك من كونه لم يكن كبقية الاعلام العربي مسيسا او مؤدلجا لسياسات حكومية معينة كما كان الوضع على سبيل المثال في مصر وسورية. لذلك كان تلفزيون الكويت كما كانت اذاعة الكويت في تلك الاحقاب مستقطبا ومتابعا على المستويين المحلي والمحيط الاقليمي لاسيما في الدائرة الممتدة من ايران والعراق والسعودية والبلدان الخليجية التي كان يصلها البث.
ولعلي هنا باختصار شديد اقول: ظل الاعلام الرسمي الكويتي وتحديدا الاذاعة والتلفزيون عاجزين عن مواكبة التطورات الاعلامية، وبقي يقتات أو يجتر من ماضيه وهو لا ريب انعكاس لوضع البلد برمته.
فالإعلام الكويتي «ستون عاماً على تأسيس الإذاعة وخمسون عاماً على تأسيس التلفزيون وأربعون عاما على تأسيس وكالة الانباء الكويتية»، فشل هذا الإعلام في تكويت كوادره والاعتماد على العنصر البشري المحلي.. هل من المعقول بعد هذه السنين مازال الاعتماد على العنصر الخارجي في البرامج والمواد السياسية والإخبارية من التحرير والإعداد والتقديم منهم مصريون وجزائريون وتوانسة ومغاربة ومن دول مشرقية، فأين الشباب الكويتي خريجو الإعلام والعلوم السياسية واللغات، لماذا يظل دور الكويتيين ثانوياً، إن لم يكن مغيباً؟ هناك فجوة حقيقية بين الواقع والحقيقة، فإما أن هناك محاربة للعنصر الكويتي وإما لا إقبال للكويتيين على الإعلام، وإذا صح فهذا غير صحيح، والصحيح أن الكفاءات الكويتية المتمكنة والمحبة للعمل لا يأخذون فرصهم، فالحرب داخل المؤسسات الإعلامية الثلاث حدث ولا حرج والقابعون في الأبراج العاجية في وزارة الإعلام ما يدرون وين هوا دارهم..!!.
أنا أعلم أن الإعلام مهنة شاقة وقدرات قد لا تتوافر في الإنسان العادي. وأن ليس كل من حمل شهادة عالية او لغة اجنبية صلح للعمل في الاعلام. فنحن لا نقصد ان يكون الاعلام الكويتي بابا لمن لا مهنة له. ولكن نقصد تشجيع العنصر الكويتي وفتح الفرص امامه.
ان وجود العنصر الاجنبي يجب ان يقتصر على التدريب خلف الابواب المغلقة ووراء الكواليس. واما الواجهة فيجب ان تكون لابناء البلد في التحرير والاعداد والتقديم.
ان الاعلام الرسمي يجب ان تكون له اهداف وسياسات بخلاف الاعلام الخاص. ولا ينبغي للاعلام الرسمي الدخول في غمار المنافسة. لانه اعلام خارج المنافسة فالـ(BBC) هيئة الاذاعة البريطانية التي هي اعرق مؤسسة اعلامية عالمية مازالت ثابتة على استراتيجياتها وتعمل خارج المنافسة الاعلامية. ورغم ذلك مازالت تستقطب الجماهير سواء عبر ميكرفون الاذاعة او عبر الصورة التلفزيونية.
ان احتفالية الذكرى الخمسين للتلفزيون لا ينبغي ان تقام على دق دنابك وتهريج. وانما ان تقام على زبدة الكلام وخلاصة العبر ومراجعة شاملة لاسباب تراجع التلفزيون وانفضاض المشاهدين عنه.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق