عاشت أجيال عربية تلتها أجيال، على عقيدة خربة وفهم ساذج كاذب صدقته تلك الأجيال وأورثته من تلاها، حتى بات خبزها اليومي وقوتها الذي إن لم تقتت عليه ماتت جوعا وسغبا وإن لم تؤمن به نبذت وأقصيت من مضارب القبيلة ودمغت بالعار والشنار وسودت وجوهها بأسخام وأسخام.
تلك العقيدة الخربة التي تخرج من لا يصدقها أو يؤمن بها من الملة، أعني بها ذلك التأكيد المتوالي الذي بات أنشودة كل لسان عربي مبين أو عيي، على فساد الأنظمة العربية وعمالتها وديكتاتوريتها وسحقها لشعوبها وظلمها وتخلفها والمزيد والمتتالي من تلك الصفات التي حملها المتحدثون والشعراء في محافلهم ومنتدياتهم وتسطيراتهم على الورق أو على سطور الهواء!
ثم «جاء الحق وزهق الباطل» وثارت تلك الشعوب التي كويت بسياط من اللهيب والتحفيز لتخرج من جحيم الحكام إلى نعيم الشعوب، فماذا جرى لمن خرجوا من الجحيم بغية النعيم!
العراق الذي جاءه محرروه من أقصى الأرض بالطائرات والصواريخ والمدافع والدبابات والحوّامات والطوّافات، ليخرجوه من جحيم صدام حسين وليسلموا الشعب التواق للحرية دجلته وفراته وخصيب أرضه وزروع سهله وثلوج جباله، ماذا حلّ به بعد التحرير ودخوله نعيم الحرية وخروجه من جحيم العبودية!
لن أجيب، فقط أدعوكم لسماع أقصر موجز للأخبار لمعرفة كم قتلاه في الساعة الواحدة لا في يوم كامل.
تونس زهوة النفس العربية ولؤلؤة الياسمين، ماذا حل بها بعدما ثار ثوارها وخرجت نساؤها قبل رجالها وشيبها قبل شبانها، مطالبة بإقصاء «الديكتاتور».
رحل «الديكتاتور» في ليلة كالحة حالكة السواد خوفا من بطش الشعب به، ليحل محله خراب وإرعاب وموت يجوس بين البيوت!
وحديث مصر يطول ويطول، بدل مواويل الصبر أيام «الديكتاتور» يرددها الصابرون موشاة بالحزن، حلت مواويل الدم.
حكم الشعب نفسه «في انتخابات حرة نزيهة» فإذا بالشعب طاغية وديكتاتور ودموي وأفاق وكاذب وعميل وخائن!
و«مجنون ليبيا» أعقل من عقالها، كان يقتل ويسبي وينهب ويروع بعقل، فلما حكمها الشعب تخلى عن العقل وأكمل مسيرة القتل والترويع!
إن علتكم يا عرب ليست في حكامكم بل هي فيكم أنتم، فانظروا ماذا أنتم فاعلون؟
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق