من الواضح ان الناخب الكويتي، ذكرا ام انثى، يتحمل بشكل اساسي نتائج ممارساته السياسية، ويقع عليه القسم الاكبر من مسؤولية نتائجها ومخرجاتها. لا شك في ذلك.. ولا شك ايضا ان المرأة الكويتية تتحمل في الوقت ذاته المسؤولية الكبرى في اهمال شؤونها والتقاضي عن حقوقها الدستورية والقانونية في المواطنة. لكن مما لا شك فيه هنا ايضا ان المجتمع بشكل عام هو المسؤول الحقيقي عن اوضاع المواطنة الكويتية، وهو الخالق لمبررات اضطهادها والداعم لاستلاب حقوقها والتمييز الذي يمارس ضدها لمصلحة المواطن الذكر.
ان المفروض ان تتولى المرأة بوعيها وقدراتها الذاتية تصحيح، بل وتطوير الظروف والاوضاع المعيشية المتعلقة بها، هذا صحيح نظريا، ولكن من الصعب الركون والتعويل عليه على ارض الواقع. الواقع الذي يزخر بكل الضغط والجبر السياسي والاجتماعي، الذي يحد من الظروف البيئية الصالحة لنمو وعي «نسائي» منفرد او حتى مشترك متقدم ومسؤول، ان لدينا مخزونا عاما ضخما من الموروث والتقليد، الذي يتميز باخضاع المرأة وحصر معيشتها وسلوكها في الحدود الدنيا التي يسمح بها الواقع الاجتماعي المتخلف.
ان عبء تصحيح الوضع الاجتماعي العام للمواطنة الكويتية يقع، مثل تصحيح الوضع العام، على المجتمع بكامله. ويتحمل المهيمنون على الاوضاع، بكل فئاتهم وطبقاتهم وانواعهم، مسؤولية تحقيقه. حق المواطنة الكويتية في الترشيح والانتخاب ما كان من الممكن ان يتحقق لو لم تبد السلطة دعما اساسيا ا لتحقيقه.
لقد اجتهدت السلطة استثنائيا، ووصل حد الاستثناء الى شراء «شوارب» كما ادعى البعض من اجل الاقرار النيابي لهذا الحق، ولولا هذا الدعم والاجتهاد الجاد والحقيقي من قبل السلطة لبقيت المواطنة الكويتية حتى اليوم، وربما الى حين، مسلوبة الحقوق السياسية كما اراد لها التقليد والموروث. المؤسف، وعلى ما يبدو، ان دعم السلطة لحق المرأة كان مدفوعا بهاجس «التلميع» الخارجي، وكسبا لاحترام وثقة المجتمع الدولي اكثر منه ايمانا انسانيا وديموقراطيا بهذا الحق.
لو شاءت السلطة اليوم فانها، وبغير شراء شوارب او لحى، تستطيع ان تحقق جمعا كافيا لتطبيق المبادئ الديموقراطية والدستورية وانصاف المواطنة الكويتية، وغيرها من التمييز والاضطهاد اللذين يتعرضن لهما.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق