“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” (الحجرات 6).
أعتقد أن المواطن الكويتي الصالح هو من يسعى لنشر وتكريس “حسن الظن” بين مواطنيه, لأنه يدرك أهميته لحاضر المجتمع ومستقبله. فيصعب مثلاً تكرس وحدة وطنية فاعلة وإيجابية بين أعضاء المجتمع ما لم تترسخ بينهم ثقافة حسن الظن. ونملك نحن الكويتيين مقومات النجاح بهدف تعزيز ثقافة حسن الظن بيننا لأننا نتشارك في مبادئ وقيم وطنية راسخة. فحين تترسخ ثقافة حسن الظن في المجتمع سيؤدي ذلك إلى نشر المعاني الحقيقية للحرية والمواطنة الحقة, وسيقوي ذلك الحس والولاء الوطني. فيوجد في عالم اليوم مجتمعات إنسانية تعاني من فقدان حسن الظن بين أعضاء المجتمع الواحد ما أدى إلى نشر الفتن والخلافات المميتة في تلك المجتمعات حتى أنهكت خلافات أبناء الوطن مقدرات وطنهم.
مقومات حسن الظن بين المواطنين الكويتيين يشرعنها تشاركنا جميعنا في تجارب إنسانية كويتية خالصة, وكذلك إدراكنا أن من يحافظ على الوحدة الوطنية هو حقاً المواطن الكويتي الصالح الذي يعمل لتقريب قلوب الكويتيين. فالديمقراطية الإيجابية وممارسة الحرية الهادفة والنقد البناء هي بعض المتطلبات الرئيسية لتكريس ثقافة حسن الظن في المجتمع. فليس من المفترض أن يؤدي الخلاف في الرأي بين أبناء الوطن إلى تشتت رؤاهم الوطنية الجامعة. فنحن ككويتيين نختلف في الآراء حول كثير من قضايانا المحلية, لكن اختلافنا يغلفه غالباً إطار وطني جامع. فالمواطن الكويتي الحق هو من لا يسيء الظن بمواطنيه الكويتيين الآخرين, وخصوصا أولئك الذين يختلف معهم في الرأي. فإذا كان الهدف الرئيس لأي ممارسة ديمقراطية تمكين المشاركين فيها من الوصول لتوافقات فيما بينهم حول أفضل الحلول لمشكلاتهم المشتركة, فكيف يؤدي ذلك إلى سوء الظن? بمعنى آخر, سوء الظن والتشكيك في الدوافع الشخصية للمواطن الآخر فقط لأنه يحمل رأياً مختلفاً ينبع من تململ البعض من النقد, وتجاوز البعض الآخر النقد البناء حتى يبدأون صيد زلات أبناء وطنهم.
شخصياً, أُحسن الظن بالمواطنين الكويتيين الآخرين سواء كانوا أفراداً عاديين أو مسؤولين, وخصوصا من يعتنقون آراء مخالفة لأرائي الشخصية. فحسن الظن هو الأرضية المشتركة بين غالبية المواطنين الكويتيين, وما يحصل من اختلافات في الآراء حول مختلف القضايا المحلية من المفترض أن ينتهي وقت انتهاء النقاش, ليعود الكويتيون إخوة متحابين ومتعاضدين.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق