عبداللطيف الدعيج: نواطير عز الظُّهر

بعد القرار البائس لنقل الدكتورة كفاية لالتزامها بمهنيتها، وحرصها على اداء وظيفتها حسب ما يمليه عليها ضميرها، يتوسع التطفل وتمتد الحماقة الحكومية لتصل الى الخطوط الجوية الكويتية، التي من المفروض ان تكون مؤسسة مستقلة، لديها كيان خاص وادارة ذاتية.

وقف السيد سامي النصف عن العمل قرار يفتقد الحكمة والدبلوماسية، وقبل كل هذا يفتقد المبررات الفنية والادارية.

سياسيا، وزير الصحة والحكومة معه يواجهان ازمة نقل الدكتور كفاية المتمثلة بتضامن الاطباء، ورفضهم للتدخلات الوزارية في اعمالهم الفنية البحتة. دبلوماسيا، السيد رئيس مجلس ادارة شركة الخطوط الجوية الكويتية يُعتبر في منصب مواز لمنصب الوزير، بل ان السيد سامي النصف الرئيس الحالي لمجلس المؤسسة وزير سابق، يعني اقدم من الوزير الحالي، لهذا فان من غير اللائق على الاطلاق وقفه عن العمل بـ«قرار وزاري». يفتقد القرار، مثل كل قرارات وزراء الحكومة، المبررات الفنية والادارية، لانه ليس من المفروض ان يكون شغل الوزير التدخل المباشر في سير العمل. كما قلنا الخطوط الكويتية مؤسسة خاصة، وتواجه هذه الايام مسؤولية انتشالها من التردي، الذي انحدرت اليه، والذي سببه الاساسي هو التدخلات والاسهامات غير الفنية وغير الادارية ذاتها في عملها.

تدخل الوزير في قرار اختيار المواصفات الفنية والمالية الخاصة بتجديد اسطول مؤسسة الخطوط الجوية، يذكرنا تماما بتدخل فطاحل مجلس الامة في مشروع «الداو كيميكال». لا يفهمون في النفط ولا يفقهون في الكيمياء، وليس لهم علاقة بالمال والاستثمار، ومع هذا قرروا مثل وزيرنا الهمام ان خبراء الكيمياء وفنيي شركة النفط ومن درس المشروع لسنوات على خطأ. ودارت الايام واثبت الواقع العملي خطأ المعترضين على المشروع وصواب الآراء الفنية النفطية، ومع هذا فان المعترضين كابروا واتهموا المؤسسة بالتحايل على دفع غرامة الغاء الصفقة التي تولوا هم وليس المؤسسة الغاءها.

مشكلتنا هنا اننا اصبحنا نحاول ان نحاسب المخطئ قبل ان يرتكب الخطأ، وندين السارق قبل ان يسرق. لهذا كل شيء متوقف وكل شيء متجمد. المثل الكويتي يقول «حط فلوسك بالشمس واقعد بالظلال»، يعني خل فلوسك تشتغل عنك. احنا حاطين الفلوس بالخزنة وقاعدين بالشمس «نواطير».

جانب آخر في امر تجديد اسطول شركة الخطوط الجوية، وهو ان الوزير مثل باقي حسني النية من المواطنين، ربما معترض على اساس ان شركة الخطوط الكويتيييياه (حاولوا تنطقوا الكويتية بتفخيم) ليس من المفروض ان تؤجر طائرات، ومستعملة ومن الهند ـــ لاحظ الهند ـــ كما اصرت على تبيان ذلك الزميلة جريدة «الوطن». موشغلكم.. ولا حتى شغل الوزير ولا حكومته. عينتوا مجلس ادارة، اتركوه يدير وبعدين حاسبوه. قرار شراء طائرات مستعملة قرار فني بحت، قد يكون حكيما جدا، وقد يكون قرارا عاديا تتخذه معظم الشركات، يصيب ويخطئ. المستهلك الكويتي من المفروض ان يفرح، مثل النائب الذي تم نقل قريبه من العناية المركزة الى غرفة عادية. لكن الجهل واحد، والاثنان كويتيان، الاول وجد في امر النقل تصغيرا له وليس بشارة خير لقريبه، والثاني وجد التأجير من الهند يضر بسمعة المؤسسة بدلا من ان يكون وسيلة تنافسية، هو كمسافر المستفيد الاول منها.

لن يكون في مقدور مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية ان تنافس تجاريا طالما ان الوزير والمواطن ينظران لها على انها ملك «ابوه»، وليست شركة عامة تنافس وتجتهد كي تربح. لهذا نقترح على مجلس ادارة المؤسسة في اول اجتماع قادم له اعادة اسمها الاول «بان اراب» او عبر البلاد العربية، لان هذا هو الحل الوحيد الكفيل باقناع المواطنين والوزراء بانها شركة خاصة وليست رمزا من رموز الدولة.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.