فيصل الشريفي: مرحلة جديدة… و”كفاية تأزيم”

الحديث عن التعاون النيابي الحكومي ضرب من الخيال، وذلك لمجموعة من الأسباب منها حالة الإرباك التي يعيشها النواب على خلفية احتمال حل المجلس من قبل المحكمة الدستورية ومنها مرتبط بأجندات خاصة همها إسقاط الرئيس مع الأخذ بحسن النوايا لبعض النواب الذين يحركهم في ذلك حب الكويت.
مازلنا نعيش في مرحلة اختبار الدستور ومعرفة آفاقه التي حملت معها خصوصيات كثيرة منها ما هو مرتبط بحق الحكومة في مناقشة جزء من الاستجواب وليس الكل وذلك بعد أن صوت المجلس على هذا الطلب مما يتطلب معه التأكد من سلامة هذا الإجراء دستورياً أو تلك الاستيضاحات التي طلبها الوزراء الأذينة ورولا، فكلها اختبارات جديدة لم نشهدها في المجالس السابقة. توتر المشهد السياسي وهذا الكم من الاستجوابات وما يتبعها من طلبات طرح الثقة لن ينجلي غبارها ما لم يتغير نمط التعامل من المجلس والحكومة وذلك من خلال قبول نتائج ما قد تؤول إليه جلسات طرح الثقة بطي صفحته فور انتهائها ومن ثم البدء بمرحلة التعاون والابتعاد عن الشخصانية.
نأتي إلى الموضوع المهم والحديث عن التغيير الوزاري ومحاولات البعض تصويره على أنه انتصار على الرئيس، وهو أمر في غير محله لذا يجب النظر إلى هذا الإجراء على أنه حق يخص رئيس الحكومة يجريه متى ما دعت الحاجة، وإن تم فإنه يدخل من باب التعاون وتطوير الأداء الحكومي وليس من باب لي الذراع. التغيير الوزاري ليس عيباً، فهذه أعتى ديمقراطيات العالم ومنها أميركا وبريطانيا تعتمد منهج التغيير متى ما استوجب ذلك دون ادعاء بطولات على حساب الشعب، وقد تكون إيطاليا واحدة من أكثر الدول في العالم التي يطاول حكوماتها التغيير لكن القيم الديمقراطية تظل ثابتة.
أحد الإخوة من النواب نقل لي حديثاً جانبياً دار بينه وبين رئيس الوزراء حول طبيعة العلاقة المطلوبة بين المجلس والحكومة حيث، أكد أنه لا يمانع حق النواب في النقد والمساءلة السياسية إن كانت في إطار المصلحة العامة، ولفت الانتباه إلى أوجه القصور في الأداء وهذا ما ستكتشفه الأيام القادمة.
التعاون لا يمكن أن يكون من طرف واحد فعلى الجميع التفاعل في رسم معالم المرحلة القادمة بالابتعاد عن الشحن الذي من شأنه إرباك عمل المجلس وما يترتب عليه من طغيان الجانب الرقابي على الجانب التشريعي، كما أن على الوزراء قبل غيرهم إبداء حسن النية مع النواب وألا يكون الاستجواب أو التوقيع على صحيفة طرح الثقة رد فعل للتعامل.
ما أبدته حكومة جابر المبارك من قبول مواجهة هذا الكم من الاستجوابات إشارة مهمة إلى المجلس بقبول العمل الرقابي، وانتصار آخر للديمقراطية آملين أن تستعمل أداة الاستجواب في تقويم الخلل وألا يساء استخدامها.
ودمتم سالمين.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.