أروى الوقيان: كتاب أم إسفاف

سعيدة جداً بالإقبال الكبير لهذا العام على معرض الكتاب في الكويت، هذا المعرض الذي ظل لسنوات معرضاً يشتري منه الناس الذرة ويرحلون، ولكن كنت دوماً حريصة رغم كل شيء على حضوره، وهي عادة منذ الطفولة أحبها وأحرص على القيام بها، لكن هذا العام المعرض كان مزدحماً بطريقة غير متوقعة، وكان لذلك الحدث أثر طيب على نفسي.
سعدت جداً بأن الشباب الكويتيين بل والشعب بأكمله أصبح قارئاً وليس كما يقال عنه هجر القراءة، لكن في ظل هذه الفرحة فوجئت بالمستوى الهابط لبعض الكتب لشبان كويتيين لا يحترفون الكتابة بل أصبحت الكتابة مهنة من لا مهنة له لهذا العام.
صدمت في لغة الحوار الهابطة في بعض الكتب التي تعتمد على اللهجة العامية فقط ولا شيء غيرها، بالإضافة إلى أخطاء إملائية مخيفة تصل إلى درجة الغلط بين التاء المربوطة والمفتوحة!
تلك هي الكتب التي تستحق المنع فعلاً، لأن القراء من الأعمار المختلفة تصلهم الكلمات مغلوطة ظناً منهم أن الكاتب ضليع في اللغة العربية وليس مجرد شخص عادي يدون يومياته، الكتب متنوعة منها الهابط ومنها الراقي ووجود النوعين هو حق مشروع، فالشخص هو من يختار ماذا يقرأ، ولكني ضد فكرة أن يتم نشر كتاب مليء بالأخطاء الإملائية المخيفة لأن هناك جيلاً كاملاً سيتأثر برداءة لغته!
المسؤولية ملقاة على جهتين دور النشر التي تسمح بنشر هذه الأخطاء دون اعتبار لأهمية اللغة السليمة، والرقابة التي من باب أولى أن تمنع الإسفاف اللغوي في كتب الشبان في معرض الكتاب بدلاً من منع كتب أخرى قيمة.
ولأن كل شيء في الكويت صرعة (هبّة)، حتى الكتابة باتت صرعة مثل “كب كيك” وبيع “الدراريع” في “انستغرام” و”الفاشنيستا” انتهاءً بالكتابة، ولكن القدرة على الكتابة مع الحبكة مع اللغة السليمة هي موهبة تدعم بالقراءة والدراسة وليست مشروع بيع دراعة أو طعام، ومن هنا وجب التذكير بأهمية انتقاء الصراعات على ألا تكون الكتابة واحدة منها، وكونك متابعاً في تويتر” هذا لا يعني أنك كاتب جيد، وكون هناك من يقرأ لك هذا لا يعني أنك كاتب جيد، وكون كتابك حقق أكبر مبيعات هذا لا يعني انك كاتب جيد، فالإسفاف يتم تسويقه جيداً، لكن أن تقدم شيئاً يستحق هنا المعضلة.
قفلة:-
أود أن أرسل باقة ورد لجميع الكاتبات الكويتيات الشابات اللاتي طرحن كتباً ممتازة لهذا العام وتمت بعد تأنٍ وسنوات من الخبرة، بعكس بعض الكتب الأخرى التي سُلقت كالبيض، تحية للمبدعات والمبدعين حول العالم بكلماتكم نرتقي عن هذا الإسفاف المنتشر، فالقراءة هي موسيقى للروح ولولا القراءة لمَّا تطور الإنسان وتعلم.

المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.