شملان العيسى: تخلف حضاري

الكتابة في الشأن السياسي المحلي اصبحت امرا رتيبا ومملا جدا لأنها تفتقر للابتكار والتغير وغياب الجديد فجميع السياسيين اصبحوا ما شاء الله عليهم خبراء دستوريين يعرفون كل القضايا الدستورية في بلدنا وغيره، لكن على ارض الواقع والممارسة الفعلية كلهم ينتهكون الدستور والقانون وكل منهم يفسره على حسب مصلحته الذاتية أو الحزبية أو الدينية والمذهبية. لذلك اجد متعة في متابعة التناقضات في التصريحات التي يطلقها المسؤولون سواء كانوا في الجمعيات التعاونية أو رجال الدين. قبل رمضان اتحاد الجمعيات التعاونية والجمعيات التعاونية المختلفة ازعجنا المسؤولون فيها بتصريحاتهم المملة عن توافر جميع انواع الاغذية للمستهلك في رمضان.. وكأننا في الكويت طوال العام نعاني من نقص المواد الغذائية والاستهلاكية.. اتحاد الجمعيات التعاونية يهدد المسؤولين في الجمعيات بعدم رفع الاسعار وعليهم الالتزام بالاسعار الرسمية التي يحددها الاتحاد.. السؤال هنا.. هل نحن نعيش في دولة اشتراكية أو شيوعية أم في دولة الاقتصاد الحر.. مسؤولو الجمعيات يشتكون من ارتفاع اسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية وكالعادة تم لوم تجار الاغذية وموردي المواد الغذائية. المصيبة لا احد في الاتحاد أو الشؤون أو الدولة وضع تساؤلاً لماذا ارتفعت اسعار اللحوم والحبوب والدواجن والمواد الاستهلاكية في العالم اجمع؟ الجواب بكل بساطة هو ان ارتفاع مستوى المعيشة في كل من الصين والهند والبرازيل وروسيا وجنوب افريقيا بسبب النمو الاقتصادي جعل الطلب على اللحوم والمواد الغذائية والحبوب يزداد «وشي طبيعي ترتفع الاسعار..» اذن لماذا لوم التجار في الكويت؟ الجواب بسيط وهو ان الجمعيات التعاونية اصبحت نموذجاً للغش والفساد والرشوة وقبض العمولات من التجار لذلك من السهل جدا لوم التجار لأن التجار لديهم مصالح مع الجمعيات ولا يستطيعون الرد والحكومة نائمة بالعسل.
بقدوم شهر رمضان المبارك حتى رجال الدين اصبحوا خبراء في التغذية وما يجب اكله وما لا يجوز أكله – كلهم اصبحوا خبراء رجيم – كل هذا مقبول ولا جديد فيه لكن ان يردد رجال الدين على مسامعنا ان الشهر الفضيل هو شهر عمل وجد ونشاط وهمة بينما نفس الاشخاص يحذرون من السهر ليلا والنوم صباحا يعني بكلمة اخرى لا احد يداوم ولا احد يعمل في الدولة الريعية في الشهر الفضيل، لذلك نجد الطرق شبه خالية صباحا ومزدحمة ليلا… لأن الطبع غلب التطبع.
يا جماعة نحن شعوب متخلفة حضاريا ونميل للكسل وعدم العمل طوال العام.. فلماذا نركز على الشهر الفضيل ونطلب من الجميع العمل والانتاج ونحن نعرف ان معظم من يتركون العمل مبكرا هم مدعو الديانة.. فهم يرددون عبارة تعال باجر (غدا) والله آسف حان وقت الأذان، الساعة 10.30 صباحا والأذان يبدأ الساعة 12 ظهرا!.. اتقوا الله في دينكم وكفاكم خداعا للناس.

د.شملان يوسف العيسى

المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.