نفهم بأن معركة الدوائر الانتخابية التي اشتعل اوارها في هذه الايام وبلا مقدمات ظاهرة اصلاح الدوائر الانتخابية وحقيقتها هي الحؤول دون استحواذ الاكثرية القبلية والدينية المسيسة على غالبية مقاعد المجلس..
واذا كان هذا المبرر- اذا صح – في نظري كافياً لاعادة صياغة الدوائر الانتخابية. بما يعيد التمثيل النيابي لمساره الصحيح، وبما يشعر المواطنون ولاسيما غير القبائليين وغير المنتمين. انهم ممثلون في المجلس، وان هناك في المجلس من يمثلهم ويعبر عن آرائهم ويدافع عن حقوقهم فلا ريب في خلال البضعة اشهر القليلة التي مضت على عمل المجلس المبطل (مجلس 2012) رأينا كيف انفردت تلك الاغلبية باعمال المجلس وراحت تصيغ القوانين والقرارات بما يخدم مصالح اعضائها الانتخابية دون اعتبار مصالح الامة الكويتية او مصلحة المواطن البلاد بصفة عامة ولعل الاخطر انها سعت الى تشطير البلاد وفرض الطغيان التشريعي والدخول في مماحكات ومشاحنات مع الاقلية البرلمانية التي تنكبت بضعف التمثيل وانصراف الحكومة عنها..!!
لقد جرب ثلاثة نماذج من الدوائر الانتخابية منذ بدء الحياة البرلمانية في الكويت، ولم تحقق النماذج الثلاثة التمثيل الصحيح للمواطنين عامة وللناخبين خاصة ففي كل نموذج ظهرت العيوب والمثالب. ولعل اسوأها هو النموذج الحالي المتمثل في الدوائر الخمس، ولهذا فاذا كانت الدعوة لتغيير الدوائر الانتخابية مبررة ومستحقة ولكن ينبغي الاخذ في الحسبان مثالب النماذج السابقة لذلك فتبرير التغيير يجب ان يكون مقنعاً. لا كيدياً او بهدف قطع الطريق على الخصوم، نحن نريد بناء وطن يضم الجميع ويحتوي الجميع، وطن صحي وسليم لا مكان فيه للعصبيات والعنصريات القومية او الدينية او القبلية او المذهبية، وطن واحد ورجل واحد، هذا الشعار رغم طوباويته لكن تحقيقه ليس مستحيلاً اذا وضعنا الكويت في عيوننا، واذا اخذنا في الحسبان اننا كلنا كويتيون وكلنا متساوون امام القانون في الحقوق والواجبات.
لذلك فأي تغيير او تعديل على الدوائر والحقوق الانتخابية لايجب ان يفصل على اساس حقوق الاقلية واستئثار الاكثيرية، فهذا لا يعالج اللثمة الانتخابية، بل يزيدها اتساعاً، وانما التفصيل يجب ان يراعي حقوق المواطنة الواحدة في وطن واحد، بمعنى الا نجامل القبائل الصغيرة او الفئات الاجتماعية الصغيرة لكونها محرومة من التمثيل في المجلس، فهذا الطرح خبيث يهدف الى تشطير اللحمة الوطنية ولا يصدر الا من نفس كريه، ذلك ان النائب في المجلس يمثل الامة الكويتية لايمثل قبيلته او طائفته او مذهبه او دينه. واذا كان الهدف من التعديل ضمان حقوق الفئات المجتمعية الصغيرة فذلك لا يحتاج الى تعديل الدوائر الانتخابية وحسب وانما يحتاج الى زيادة اعضاء المجلس، ولعل الاخوة المسيحيين اولى بالتمثيل في المجلس من الاقليات القبلية وغيرها، فالمسيحيون رغم انتمائهم الوطني لكنهم محرومون من كافة الحقوق السياسية والوظيفية لاسيما القيادية، فهل نلوم المسيحيين اذا طالبوا بحقوقهم الوطنية المحرومين منها ولاسيما تمثيلهم في المجلس وفي الحكومة؟!
هناك الكثير من الدول قد عالجت حقوق الاقليات وذلك بتخصيص مقاعد لتمثيلهم في المجلس، ففي مصر يتم تخصيص عشرة مقاعد للاقباط، واما في إيران فللاقلية اليهودية والزرادشتية (عبدة النار) ممثلوهم في مجلس الشورى الاسلامي (البرلمان).
لا ريب ان النظام الانتخابي يحتاج الى مراجعة وتصحيح. ولكن ليس على اساس حقوق الفئات وانما على اساس حقوق المواطنة من هنا فالحل الصحيح هو جعل الكويت دائرة انتخابية واحدة وصوت واحد.
تنويه واعتذار
ورد خطأ في مقالنا ليوم الاثنين الماضي 9 يوليو الجاري والمعنون «مناسبة جيدة للإصلاح السياسي» حيث ورد النص التالي (وتالياً إن الذين يطعنون بمجلس (2009) هم الذين تضرروا من إبطال مجلس (2012) وفي مقدمة هؤلاء كتلة العمل الوطني والجماعات الإسلامية) والصحيح كتلة العمل الشعبي، لذا اقتضى التنويه والاعتذار..
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق