صندوق النقد يحذِّر: المصروفات ستتجاوز الإيرادات في 2018/2017

ذكر تقرير خبراء صندوق النقد الدولي في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2013 أن المخاطر السلبية الرئيسية التي تواجه النظرة المستقبلية للكويت تكمن في الانخفاض المستمر لأسعار النفط والخلاف السياسي المتجدد.

وأشار صندوق النقد الدولي في هذا التقرير عقب انتهاء المشاورات مع المسؤولين في الكويت، إلى أن أسعار النفط المرتفعة وزيادة الإنتاج مكنا الحكومة من استمرار تسجيلها فوائض مالية وخارجية مرتفعة، وتأسيس دعائم قوية. وتوقع أن تدعم مشاريع البنية التحتية الكبيرة زخم النمو في البلاد.

وتوقع الصندوق أيضاً أن يسجل الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي خلال عام 2013 نموا متواضعا يصل الى 3 في المائة، مستمدا الزخم من زيادة في الاستهلاك المحلي والانتعاش في الانفاق الاستثماري.

كما توقع الصندوق أن يصل التضخم في اسعار المستهلك الى 3 في المائة هذا العام، على أن تبلغ الفوائض المالية والخارجية 27 في المائة و39 في المائة من الناتج على التوالي في عام 2013، لتعكس الارتفاع في اسعار النفط، أما السياسات النقدية فبقيت قادرة على التكيف، بينما سجل الاقراض الائتماني لدى البنوك انتعاشا ملحوظا.

التطورات الأخيرة

ذكر التقرير أن الأداء الاقتصادي للكويت كان متخلفاً عن نظيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي، وأدائها ذاته في السابق. فمنذ الأزمة المالية العالمية في 2008، ظل النمو غير النفطي سلبيا أو منخفضا. وكانت الاستثمارات الحكومية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي أقل من المعدل الوسطي في دول التعاون، بسبب تأجيل تطبيق الإصلاحات الاقتصادية في مشاريع البنية التحتية. إضافة إلى ذلك، جاءت مؤشرات التنافسية (مثل تسهيل أنشطة الأعمال) متخلفة أيضا قي الكويت عن بقية جاراتها.

ورغم هذا الواقع، فان التقرير توقع أن تتحسن النظرة المستقبلية الاقتصادية في 2014، وعلى المدى المتوسط. إذ يرى أن النمو غير النفطي في العام المقبل سيزيد إلى 4.4 في المائة بفضل الإنفاق الحكومي، الأمر الذي سيرفع متوسط نسبة التضخم إلى 3.5 في المائة. وان من شأن ثبات الانتاج النفطي ان يساعد على ابقاء النمو في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي دون 3 في المائة، ومن المتوقع ان يظل الفائض في الحسابات المالية والحساب الجاري كبيرا في عام 2014.

أما على المدى المتوسط فان نمو القطاع غير النفطي سيتسارع الى حوالي 5 في المائة في ظل توقعات باستمداد الدعم من الزيادة الكبيرة في الاستثمار الحكومي في مشروعات البنية التحتية الكبرى، كما ان أي زيادة متواضعة في اسعار النفط ستوفر دعما اضافيا لمجموع النمو الاقتصادي في البلاد. ومن المتوقع ان يسجل معدل التضخم ارتفاعا طفيفا في ظل انتعاش النمو الاقتصادي، اما الفوائض المالية وفوائض الحساب الجاري فقد تشهد تراجعا اذا ما استمر الانفاق لضمان وتيرة النمو الحالية.

جهود ضرورية

قال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي ان ارتفاع اسعار النفط ومعدلات الانتاج مكنت البلاد من تكوين فوائض ضخمة مع استمرار تحسن الأداء في القطاع غير النفطي. ومع ذلك فان النظرة المستقبلية خاضعة للمخاطر التي قد تنجم عن التطورات الاقليمية والعالمية، فيما يبقى الاقتصاد معتمدا بشدة على الموارد النفطية. وبالتالي فان التنفيذيين في المجلس شجعوا السلطات الكويتية على بذل المزيد من الجهود لتحفيز التنويع الاقتصادي لا سيما في المجالات التي من شأنها خلق فرص وظيفية اكبر للمواطنين.

ونوه خبراء الصندوق الى أن طول فترة انخفاض اسعار النفط قد تؤدي الى استنزاف الفوائض المالية بغض النظر عن الوضع المالي القوي للبلاد. ومن اجل احتواء المخاطر، وتحرير المصادر لزيادة الانفاق الرأسمالي الحكومي والادخار من اجل الاجيال المقبلة، فقد اتفق الخبراء على ضرورة كبح جماح النمو في الانفاق بما في ذلك الانفاق العام على الرواتب والاجور، فضلا عن الدعم الذي تقدمه الدولة بوجه عام، وتعزيز العائدات غير النفطية. ويرى هؤلاء ان الاطر الاقتصادية القوية يجب ان توفر دليلا ومرشدا للانفاق العام على المدى المتوسط.

توقعات

يقول التقرير ان تحقيق النمو الأساسي المتوقع على المدى المتوسط يستدعي وجود اجماع سياسي لوضع الاستثمارات الحكومية والإصلاحات الهيكلية على المسار. واتفقت السلطات مع رأي خبراء الصندوق على أن الاضطراب السياسي المطول قد يؤثر عكسا في الثقة بالأنشطة التجارية بشكل عام، والمناخ الاستثماري، وينجم عنه النمو غير النفطي أقل من المتوقع.

إضافة إلى ذلك، ذكر التقرير ان المخاطر الخارجية السلبية على النظرة المستقبلية قد تنشأ من سوء الظروف الاقتصادية العالمية، بما في ذلك إمكانات نمو أقل من المتوقع في اسواق ناشئة رئيسية قد تترجم إلى انخفاض الطلب على النفط وتراجع أسعاره.

ومع ذلك، يرى التقرير أن الدعائم المالية كبيرة، وأن السلطات لديها مجال لتخفيف الإنفاق العام في المدى المتوسط في حال تراجع أسعار النفط. إذا ارتفعت أسعار التعادل النفطية – وهو السعر المطلوب لموازنة الميزانية وفق مستويات المصروفات الحالية – إلى 70 دولارا في السنة المالية 2013 و2014 (باستثناء دخل الاستثمار)، وهو لا يزال أقل نسبيا مقارنة بمستويات اسعار النفط. ومع ذلك، يقول انعكاسا للزيادات الحادة الأخيرة في المصروفات الحالية، والإيرادات غير النفطية الصغيرة نسبيا، من المتوقع أن تتجاوز المصروفات الحكومية الإيرادات الحكومية في السنة المالية 2017 و2018، وبالتالي زيادة المخاطر المالية نتيجة التراجع المستمر لأسعار النفط، وهو قلق تشاركه السلطات.

إسقاط القروض

مررت الحكومة في إبريل 2013 قانون صندوق دعم الأسرة، وبموجبه ستشتري الحكومة الأرصدة المتبقية من قروض استهلاكية ومقسطة من المواطنين الممنوحة لهم من البنوك التقليدية وشركات الاستثمار. ويقول تقرير صندوق النقد الدولي عن هذا الموضوع ان التكلفة المالية الأولية المباشرة للخطة صغيرة، من حيث تأثيرها المحدود في استدامة الدين العام، والنطاق المالي المتوافر. إذ تشكل الديون المعاد هيكلتها حوالي 1.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وزادت إلى 2.2 في المائة من إجمالي الإيرادات و2.6 في المائة من الإيرادات النفطية في 2012.

إضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن التكلفة المتوقعة على البنوك لن تكون مرتفعة. فالمصارف ستسفيد من إعادة الهيكلة لدرجة أن العملية قد تزيل القروض غير المنتظمة من ميزانياتها العمومية. وستتحمل البنوك تكاليف إدارية ثانوية من تحميل القروض إلى الحكومة. ويقدر خبراء الصندوق التكلفة على النظام المالي بنحو 185 مليون دولار، وهي تكلفة صغيرة مقارنة بصافي دخل أكبر سبعة بنوك في 2012 قبل خصم الضريبة، والبالغة 4 مليارات دولار.

من جانب آخر، يقول التقرير ان عملية إعادة هيكلة القروض ذات نتيجة عكسية إذا ما أرادت الدولة بناء ثقافة مالية كفوءة. فإسقاط فوائد القروض وإعادة هيكلة ديون المواطنين الكويتيين قد يخلق مخاطر أخلاقية على البنوك والمقترضين، وبالتالي إضعاف فكرة تطوير ثقافة ائتمان قوية.

هذا ويرى التقرير أن على الكويت تعزيز أطر العمل التنظيمية والمؤسساتية والقانونية من أجل إطار عمل إعسار فردي فعال وتنفيذ حقوق الدائنين، في إشارة إلى تأخر إقرار قانون عسري للإعسار.

أسواق الدين

يرى التقرير أن وجود سوق دين محلي فعال يمكنه أن يساهم بشكل حيوي في كفاءة الوساطة المالية. اذ يقول ان سوق الدين المحلي العميق والسائل سيوفر مصادر تمويل للدين العام أكثر تنافسية أو أبعد مدى اضافة الى استثمار في البنية التحتية والسكن والشركات مقارنة بما يوفره النظام المصرفي. وتملك الحكومة والبنك المركزي دورا مهما في عملية تطوير البنية التحتية التنظيمية والمؤسساتية والقانونية.

الاستقرار المالي

يقول التقرير ان الرسملة العالية والربحية المستمرة، والقروض غير المنتظمة المنخفضة، والمخصصات العالية في النظام المصرفي تعزز من الاستقرار المالي. ومع ذلك أشار الى أن المخاطر الائتمانية تظل أكبر المخاطر بالنسبة للنظام المصرفي الكويتي، وهي نتيجة طبيعية لنموذج عمل البنوك، وتشكل 90 في المائة من أصولها المعدلة وفق المخاطر. وتتركز المخاطر في قطاع العقار، لاسيما أن انكشاف البنوك المباشر على هذا القطاع يشكل 18.5 في المائة من اجمالي القروض حتى نهاية شهر يونيو 2013. ويشكل انكشاف النظام المصرفي على سوق الأسهم حوالي 23 في المائة من اجمالي الاستثمارات (مجموع الاستثمارات تشكل 12 في المائة من اجمالي الأصول)، ويشكل استخدام أسهم الشركات كضمان بنكي 32 في المائة من مجموع الضمانات، والبقية في العقار. ومع ذلك، تم احتواء انكشاف النظام المصرفي على شركات الاستثمار عند 4.8 في المائة من مجموع القروض حتى نهاية يونيو 2013، ووضعت مخصصات كاملة تحوطا من شركات الاستثمار المتعثرة، الأمر الذي قلص المخاطر الاستثمارية والائتمانية لقطاع شركات الاستثمار. كما تم احتواء مخاطر السيولة في النظام المصرفي، لاسيما أن ثلث أصول البنوك سائلة.

من جانب آخر، قال التقرير ان النظام المصرفي مرن أمام الصدمات المحتملة. فالبنوك منظمة جيدا، ويبلغ معدل كفاية رأس المال فيها 18.3 في المائة كما في نهاية يونيو 2013. وانخفض اجمالي القروض غير المنتظمة في البنوك الى 4.6 في المائة في نهاية يونيو 2013، من اصل 5.2 في المائة في نهاية 2012. وبلغ معدل المخصصات في البنوك 107 في المائة في نهاية يونيو 2013. وتظهر تحليلات خبراء الصندوق أنه حتى لو تعرضت البنوك لاختبارات ضغوط حادة، فان رأس المال من المستوى الأول للنظام المصرفي سيبقى أعلى من الحد الأدنى التنظيمي البالغ 8 في المائة كمتوسط. وتظهر اختبارات الضغط التي أجراها البنك المركزي أن البنوك مؤهلة لمواجهة صدمات الائتمان والسيولة والسوق بناء على مجموعة واسعة من السيناريوهات الكاملة والجزئية.

بالنسبة لشركات الاستثمار، اشار التقرير الى أن شركات الاستثمار الكويتية لديها انكشاف كبير على أسواق العقار والأسهم المحلية والاقليمية والدولية، مما يجعلها معرضة لمخاطر أي تأرجح في السوق أو تغير. وأضاف أن خسائر شركات الاستثمار استمرت في 2012، ولو أنها أقل مقارنة بعام 2008. كما انها معرضة ايضا لأسواق الأصول الاقليمية والعالمية، وتشكل الأصول الأجنبية 48 في المائة من اجمالي الأصول.

كما اتفق المسؤولون في الكويت وفريق صندوق النقد الدولي على أنه رغم قوة النظام المصرفي، فان هناك فرصة لتحسين جودة الأصول، والربحية، والسيولة، وكفاية رأس المال، مشيرين الى أن الترابط بين البنوك والمجموعات الصناعية والتجارية وشركات الاستثمار والحكومة يمكن أن يفرض مخاطر على النظام المالي والاقتصاد خلال فترات الضغوط.

هذا ولفت التقرير الى أن توسع البنوك الكويتية في الخارج يمثل فرصة لتنويع محافظها وارباحها، لكنه بالمقابل يفرض عليها مخاطر. اضافة الى ذلك، قال ان اعادة هيكلة شركات الاستثمار الحالية لابد من تسريعها. ويجب تعزيز الرقابة التنظيمية، وزيادة الافصاح عن المعلومات، والاندماج لتعزيز قطاع شركات الاستثمار. .

وأخيراً، لفت التقرير الى أن هناك تقدما جيدا في تحسين النظام الاحصائي في الكويت، الا أن الخبراء يحثون السلطات على متابعة مساعيهم في جميع نواحي البيانات الاقتصادية.

قطاع الاستثمار

لا بد من تسريع إعادة هيكلة شركات الاستثمار وتعزيز الرقابة عليها وزيادة إفصاحاتها ودفعها نحو الاندماج.

صندوق الأسرة

تكلفة الشراء الجديدة لقروض المتعثرين نحو 185 مليون دينار.. لكن في الأمر مخاطر أخلاقية.

المصدر”القبس”

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.