خالد الجنفاوي: لو اتَّسع المَجال وَتكافُؤ الفُرص لَقَل الفَساد

عندما يفشل أحدهم في ربط آماله وتطلعاته المشروعة والايجابية في تحقيق النجاح الشخصي, وذلك بسبب انتمائه لبيئة إنسانية تبدو مُحبطة ومخيبة للآمال فربما سيؤدي ذلك إلى شعوره باليأس. فتحقيق النجاح الشخصي المشروع يتطلب تصميماً فردياً, ويحتاج أيضاً إلى توفر بيئة اجتماعية إيجابية يتسع فيها المجال وتكافؤ الفرص, حيث يستطيع فيها من يشاء تحقيق ما يشاء ما دامت آماله وتطلعاته لا تتجاوز حقوق الآخرين, أو تتعارض مع القوانين والأعراف الاجتماعية المتوافق عليها من أغلبية أعضاء المجتمع. فعندما يشعر أحد الأفراد أنه يستحيل عليه تحقيق آماله وتطلعاته وفقاً لإمكاناته ومهاراته ومؤهلاته وخبراته المكتسبة, وذلك بسبب ما يحيط به من ظروف وأوضاع اجتماعية سلبية ومخيبة للآمال, فيصعب على هكذا أفراد توقع تحقيقهم لنجاحات يعتقدون أنهم يستحقونها. فإضافة إلى أن الفساد يمثل تجاوزاً صارخاً للقوانين وللأعراف الاجتماعية ولكن أحد أسبابه يتمثل في عدم توفر فرص متعددة ومتكافئة لجميع الأفراد لتحقيق آمالهم وتطلعاتهم دون اضطرارهم للتملق إلى فلان من الناس أو اضطرارهم للف والدوران أو اتباع طرق ملتوية.
الفساد لا يأتي بلا سبب, فإضافة إلى ارتباطه بسلوكيات وتصرفات شخصية معينة, فهو ينتج أيضاً من الظروف والأوضاع والترتيبات المعيشية التي تتوافر في البيئة الاجتماعية. على سبيل المثال, لا يولد الإنسان فاسداً, فنشأته الأسرية والاجتماعية وميوله النفسية وخياراته الشخصية اللاحقة هي التي تحدد مسيرة حياته. فيوجد حالياً أفراد شرفاء يستمرون يقاومون الانحدار الأخلاقي المرتبط بالفساد, بل ويمكنهم الصمود لأطول فترة ممكنة, ولكن- مع الأسف- يفشل بعضهم في ربط آمالهم وتطلعاتهم الشخصية بما يمكنهم تحقيقه من نجاحات مشروعة. فليس بالضرورة أن يتحول أحدهم إلى إنسان فاسد, فقط, لأن الفساد ينتشر في مجتمعه, فالإنسان المستقيم أخلاقياً يظل مستقيماً مهما تعرض لإغراءات متعددة, ومهما تعرض لمضايقات بهدف حثه على المشاركة في الفساد.
العبرة في مكافحة الفساد تتمثل في الكشف عنه والقضاء على أسبابه الرئيسية مثل ضعف الرقابة وعدم توفر آليات إدارية ووظيفية رقابية صارمة تتوافق مع ما يتم استعماله في الدول الأقل فساداً, فمكافحة الفساد تبدأ بالقضاء على أسبابه والتي تتمثل أحياناً في عدم تمكن الإنسان المستقيم من ربط آماله وتطلعاته بما يمكنه أن يحققه من نجاحات متميزة دون واسطة ودون اضطراره للتقرب من فلان من الناس, أو أن يضطر إلى التنازل عن بعض مبادئه الأخلاقية.

* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.