خالد الجنفاوي: معارضة حانقة تكره النقد البناء

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” (المائدة 8). 

وفق موسوعة “ويكيبيديا” “النقد البناء هو عملية تقديم آراء صحيحة ووجيهة حول عمل الآخرين, والتي تنطوي عادة على تعليقات إيجابية وسلبية, ولكن بطريقة ودية وليس بطريقة فيها عناد. وفي الأعمال التعاونية, غالبًا ما يكون هذا النوع من النقد أداة قيمة للارتقاء بمعايير الأداء والمحافظة عليها”.
أما النقد الشخصاني والهدام فيمكن تعريفه بالتالي هو: عملية فبركة آراء شخصانية خاطئة حول عمل الآخرين, والتي تنطوي عادة على تعليقات سلبية للغاية وأنانية وشخصانية وبطريقة عدائية تفيض بالعناد وإلقاء الاتهامات المعلبة!
في بعض ديمقراطيات الشرق الأوسط تميل “المعارضة” إلى النقد الهدام والشخصاني والتصيد ضد أندادها وشركائها في العملية الديمقراطية الوطنية, فذلك الشخص الذي لم تترسخ المبادئ الديمقراطية في قلبه وعقله سيحاول قدر ما يستطيع إزالة من يعارضه في الرأي من على وجه الأرض, لو تمكن من ذلك, أو يشيطنه ويصوره عدواً للإرادة الشعبية. وبالطبع, ليس ثمة تفسير لرواج النقد الهدام في من يطلقون على أنفسهم المعارضة سوى أنه يصعب عليهم الاعتراف بإنجازات ونجاحات الطرف الآخر (الحكومة) ما يؤدي بالفعل إلى ترسيخ الاحتقان السياسي, وأحياناً تعطيل مسيرة الحياة في المجتمع.
ولا يفسر تجاهل بعض الأصوات المعارضة لإنجازات حكومتها الوطنية سوى أنها لا تؤمن فعلاً بما تطلقه من شعارات رنانة حول تكريس الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير. فما يدور في فلك هكذا معارضة هو تصيد أخطاء الطرف الآخر, وتشويه سمعته مهما تناقض هذا الاسلوب النقدي الهدام مع الحقائق, والوقائع, وتعارض مع الثوابت الوطنية والأعراف الاجتماعية, ومهما أدى إلى إضعاف التماسك الاجتماعي, أو حرض على الاضطرابات الاجتماعية. المعارضة التي لا تعترف لخصومها بنجاحاتهم و إنجازاتهم ليست معارضة, بل ديماغوجية غوغائية.
ربما يتطلب الأمر قروناً لكي يتكون في الشرق الأوسط معارضة ديمقراطية تحرص على البناء والارتقاء بمعايير العمل, والأداء, وتحافظ على الانجازات الوطنية. وحتى ذلك الحين, يصعب إلى الحفاظ علي شخصياً تصديق أن المعارضة الشرق أوسطية الحانقة تستطيع تقديم شيء أفضل من الحكومة, فعلى الأقل الحكومات الوطنية تسعى أحياناً كثيرة على الوحدة الوطنية, أما المعارضة فتركز على تشويه الوقائع والحقائق بهدف إفشال الطرف الآخر.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.